وصح عندي بعد التأمل أن الدكتور قد يكون مشغولا بمراجعات متصلة بالسيرة النبوية؛ لأن عبارة "أحمد الله إليك" تكثر في الرسائل المأثورة عن عصر النبوة وعصر الخلفاء.
وبعد أعوام أخرج الدكتور طه كتابه "على هامش السيرة" فكتبت في جريدة البلاغ فقلت: إن الدكتور طه يجيد أعظم الإجادة حين يتروى في التأليف وكتابه الجديد أثر من آثاره الجيدة في تروية فهو مشغول بموضوعه منذ ١٩٢٨ وإن لم يقل ذلك فقد كتب إلي خطابا في يوليه من تلك السنة يقول: "أحمد الله إليك".
وقال الدكتور طه: إنه اختراع من اختراعات زكي مبارك في الأسماء والأحاديث.
وهذا نص الخطاب كما رواه زكي مبارك:
"أحمد الله إليك على ما أنت فيه من رضا بالإقامة في باريس، وأتمنى لك المزيد من هذا الرضا كما أتمنى أن تنتفع بأيامك في فرنسا إلى أبعد حد ممكن وتقبل من السيدة ومني تحية خالصًا وشكرًا جميلا".
وسرد زكي مبارك نص خطاب آخر وجده في أوراقه جاء فيه:
"لست أدري كيف أشكر لك عنايتك بفلسفة ابن خلدون وأنا مقتنع فما بيني وبين نفسي بأنها لا تستحق هذه العناية، ومع ذلك فسأشتري المقطم منذ اليوم لأقرأ ما تكتب لأنك أنت الذي ستكتبه لا لأني أنا موضوعه.
وكل ما أرجوه لك أن تصدر فيما تكتبه عن الحرية الصادقة القاسية، لا عن الإخاء والمودة اللذين يدفعان في كثير من الأحيان إلى شيء من الرفق الذي لا يخلو من إثم، وأنا أعيذ أصدقائي من أن يتورطوا من أجلي في إثم