للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العقاد في الشعر كالزيات في النثر كلاهما يأخذ قوته من الانفعال وهذا لا يمنع من الاعتراف بأنهما أديا خدمات عظيمة للحياة الأدبية.

٢١- زكي مبارك؛ عدوي طه حسين:

نشرت الهلال مبحثا من فصلين, صديقي طه حسين الدكتور أمير بقطر وكتب زكي مبارك: "عدوي طه حسين".

إنه عدو عزيز! إي والله، فما أذكر أني عاديت إنسانا أحبه قبل الدكتور طه حسين، والعداوة والحب يجتمعان في القلب الواحد، وإن عجب من ذلك من لا يفقهون، وآية الصدق في هذه القضية أني لم أتورط في عداوة الدكتور طه حسين إلا منذ أشفقت عليه، فقد ابتدأ هذا الرجل حياته الأدبية بداية حسنة، ولكنه لم يستطع الصبر على مكاره الجد، ولم تقو نفسه على معالجة البحث العميق وعندئذ عرفت أن الرجل سيضيع نصيبه من الخلود، وعز علي ذلك فأردت أن يبقى اسمه في الدنيا بعد أن تبيد ملايين الأسماء ولا يبقى إلا من أشار إليهم صاحب "النثر الفني".

وكان الدكتور طه في بداية هذه العداوة يظنها جمرة سريعة الخمود، ولكنها تضرمت، واستطارت أقباسها من المشرق والمغرب، ولم يبق إنسان يقرأ ويفهم إلا عرف أن في الدنيا رجلا اسمه طه حسين، وصار لا يدخل في محفل، ولا يتكلم في مجتمع، ولا نشر مقالا في جريدة، إلا قال الناس: هذا هو الرجل الذي رأينا اسمه في مؤلفات زكي مبارك.

والدكتور طه رجل فيه شيء من الذكاء، وقد هداه ذكاؤه إلى هذه الحقيقة فاندفع يعاديني بلا ترفق ليتم له من نباهة الذكر ما يريد.

ولكن هل يستحق الدكتور طه أن يشغل رجلا مثلي؟

هذا هو السؤال.

<<  <   >  >>