يمثل سذاجة الإنسان الأول يوم كان يملأ الدنيا أساطير وأحاديث. وهل رأيتم في الدنيا كلها رجلا يرأس كلية آداب ثم يقف مجده عند الأقاصيص؟
انظروا ما وقع للدكتور طه يوم قرر المشاركة في تأليف كتاب فجر الإسلام، فقد كانت النية أن يؤلف في الناحية الأدبية، أتعرفون ما وقع؟ كانت النتيجة أن نشر أحمد أمين أربعة مجلدات وطه حسين ساكت يترقب.
وكيف تفسرون ذلك السكوت؟ إنه تفسير سهل؛ وهو يتلخص في أن طه حسين لا يحسن الكتابة العلمية، وإنما يحسن تلخيص الأقاصيص.
وهناك جانب آخر من ضعف هذا الرجل، وهو حرمانه من حاسة العدل، فما أعرف أن هذا الرجل استطاع أن يقهر أهواءه وهو يعامل الناس، وقد اتفق أن يصطنع النقد الأدبي حينا من الزمان، فكانت أحكامه كلها وليدة الهوى والغرض، ولم يستطع أن يكشف للناس عن موهبة مستورة أو نبوغ مكنون.
ولو سئل طه حسين عما صنع في النقد الأدبي لعجز عن الجواب، وهل من النزاهة أن يقصر محاضراته في الراديو على ما أخرجته لجنة النشر والتأليف؟
إن طه حسين تسامى إلى منزلة أدبية عالية يوم سعى إلى الظفر بعمادة كلية الآداب، ولكن هل استطاع أن يخلق لتلك الكلية نصيرًا واحدًا؟ هل استطاع أن يخرج من عمره كله بكتاب جيد يضيفه إلى منازل الباحثين من عمداء الكليات؟
وليته اكتفى بهذه المزايا العظيمة من الضعف! بل رأيناه يتكلم عن البحتري فيقع في أغلاط، فلما نبهناه أصر واستكبر ونشر المحاضرة في كتاب، وشكل الأغلاط ليدلنا على أنه لا يهتم بالنقد، ولا يحسب للحق أي حساب.