للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - وقوله تعالى: ﴿لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (٤٦) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (٤٧)﴾، فالآيات نصت على أن الله لا يؤيد من يكذب عليه بل لابد أن يظهر كذبه وأن ينتقم منه.

ولو كان محمد من هذا الجنس كما يزعم الكافرون فيما حكاه الله عنهم ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾ - وحاشاه من ذلك - لأنزل الله به من العقوبة ما ذكره في هذه الآيات، وحيث إن الرسول لم يقع له شيء من ذلك فلم يهلكه الله ولم يعذبه، فهو على هذا لم يتقول على الله ما لم يقله ولم يفتر شيئا من عند نفسه، وبهذا تثبت عصمته في كل ما بلغه عن ربه ﷿.

قال ابن كثير بعد أن فسر هذه الآيات: "والمعنى في هذا بل هو صادق راشد لأن الله ﷿ مقر له ما يبلغه عنه ومؤيد له بالمعجزات الباهرات والدلالات القاطعات" (١)

٣ - وقوله تعالى: ﴿وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا، وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا، إِذًا لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا﴾. وهذه الآيات دالة على عصمة الله وتثبيته لنبيه في تبليغ ما أوحى إليه، ومعناها مقارب لمعنى الآيات التي ذكرناها قبلها "فقد أخبر تعالى عن تأييده لرسوله صلوات الله عليه وسلامه وتثبيته وعصمته وسلامته من شر الأشرار وكيد الفجار، وأنه تعالى هو المتولي أمره ونصره، وأنه لا يكله إلى أحد من خلقه بل هو وليه وحافظه وناصره ومؤيده ومظفره ومظهر دينه على من عاداه وخالفه في مشارق الأرض ومغاربها" (٢).


(١) تفسير ابن كثير (٤/ ٤١٧).
(٢) المصدر السابق (٣/ ٥٣).

<<  <   >  >>