للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ﴾.

فقد يتوهم البعض أن هذه الآية تعني انتفاء معرفة النبي للإيمان بالكلية قبل بعثته بمعنى أنه لم يكن مؤمنا.

والجواب على ذلك: أن هذه الفهم خاطئ لأن الإيمان في قوله ﴿وَلا الإِيمَانُ﴾ مصدر بمعنى المفعول فيكون المعنى المراد: أي ما يجب الإيمان به من الفرائض والأحكام الشرعية التي كلف بها علما وعملا، فالمنفي هو الإيمان التفصيلي لا الإجمالي.

فقد كان النبي قبل نزول الوحي إليه مبغضًا للشرك وعبادة الأصنام ومتجهًا إلى الله وحده كما سبق الاستدلال على ذلك، فلما نزلت عليه الفرائض والأحكام الشرعية التي لم يكن يدري بها قبل الوحي آمن بها وطبقها. فهذا هو المعنى الصحيح للآية، كما ذكر ذلك علماء التفسير عند تفسيرها قال ابن كثير: " ﴿مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ﴾ على التفصيل الذي شرع لك في القرآن" (١).

وقال الشوكاني (٢): "ومعنى ﴿وَلا الإِيمَانُ﴾ أنه كان لا يعرف تفاصيل الشرائع ولا يهتدي إلى معالمها، وخص الإيمان لأنه رأسها وأساسها" (٣).

ب - ومن النصوص كذلك قول الله تعالى ﴿وَوَجَدَكَ ضَالًا فَهَدَى﴾ فقد يتوهم البعض أن الآية تعني أن نبينا كان على ضلال قبل مبعثه وهذا فهم خاطئ وباطل ترده النصوص التي سبق إيرادها والتي نصَّت على أن النبي كان من أول حاله إلى نزول الوحي عليه


(١) تفسير ابن كثير (٤/ ١٢٢).
(٢) محمد بن علي بن محمد الشوكاني: فقيه مجتهد، من كبار علماء اليمن له (١١٤ مؤلفًا) ولد سنة ١١٧٣ هـ وتوفي سنة ١٢٥٠ هـ. الأعلام: (٦/ ٢٩٨).
(٣) فتح القدير (٤/ ٥٣٠).

<<  <   >  >>