للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تمسُّكًا بسنته، وأشدهم محاربة للابتداع في الدين، وقد كان في صلاحهم وفلاحهم ونجاتهم، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح أولها.

ومن المؤسف أن كثيرًا من المسلمين في وقتنا الحاضر قد اختلت عندهم كلا الركيزتين فتركوا الاتباع والاقتداء بسنة النبي حتى أصبحت السنة عندهم أمرًا مستغربًا مستنكرًا لجهلهم بها وبعدهم عنها، واستبدلوا بذلك البدع التي لا أصل لها ولا دليل عليها من كتاب الله وسنة نبيه ، فاتخذوها دينا يدينون به فانعكست بذلك الموازين لديهم فأصبحوا يرون الحق باطلًا والباطل حقًّا، والمعروف منكرًا والمنكر معروفًا، وما ذلك إلا لكونهم لم يعرفوا من الإسلام إلا اسمه ولا من الدين إلا رسمه بسبب ما هم عليه قلة العلم وعدم معرفتهم بالسنة.

فأين هؤلاء من وصية المصطفى بأن يتبعوا ولا يبتدعوا؟

وعن أبي هريرة عن النبي قال: "ذروني ما تركتكم، فإنما أهلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم" (١).

والشاهد من الحديث قوله : "فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم".

وهذا التوجيه النبوي الكريم مماثل لما سبق في الأحاديث السابقة من الحث على لزوم السنة والتأكيد على اتباعها والأخذ بها، إلا أنه يضيف أمرًا هامًا وهو أن الطاعة في جانب المأمورات تجب في حدود الاستطاعة والطاقة، وهذا من اليسر الذي امتازت به الرسالة المحمدية،


(١) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الاعتصام، باب الاقتداء بسنن الرسول. انظر: فتح الباري (١٣/ ٢٥١) (٧٢٨٨)، ومسلم في صحيحه، كتاب الحج، باب فرض الحج مرة في العمر (٤/ ١٠٢).

<<  <   >  >>