كأنها موعظة مودِّع فأوصنا. قال:"أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد، وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة"(١).
فوصية النبي ﷺ لأصحابه ولأمته من بعدهم هي أن يتمسكوا بما سنه من أحكام وتشريعات أشد التمسك، وأن يحذروا الابتداع في الدين، وحكم على تلك المحدثات بالضلال والانحراف عن الطريق الذي رسمه.
وقد رسم النبي ﷺ في هذا الحديث ركيزتين أساسيتين في هذا الدين هما:
* الاتباع.
* ترك الابتداع.
ولقد سار الصحابة رضوان الله عليهم على هذه الوصية النبوية وعملوا بها، فلم يحيدوا عن سنته ﷺ، بل عملوا بها ونقلوها للامة المحمدية من بعدهم كما سمعوها منه ﷺ، وكذلك فقد كانوا أشد الناس
(١) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (٤/ ١٢٦، ١٢٧)؛ وأخرجه أبو داود في سننه، كتاب السنة، باب في لزوم السنة (٥/ ١٣، ١٥) (ح ٤٦٠٧)؛ وأخرجه الترمذي في سننه، كتاب العلم، باب في الأخذ بالسنة واجتناب البدعة (٥/ ٤٤) (ح ٢٦٧٦) وقال: هذا حديث حسن صحيح؛ وابن ماجه في سننه، في المقدمة، باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين (١/ ١٦)؛ وابن حيان في صحيحه (١/ ١٣٩)؛ والحاكم في المستدرك (١/ ٩٦) وصححه ووافقه الذهبي؛ والآجري في الشريعة (٤٦، ٤٧)، والدارمي في سننه، باب اتباع السنة (١/ ٤٤، ٤٥) وقال الألباني: سنده صحيح، وصححه جماعة منهم: الضياء المقدسي في اتباع السنن واجتناب البدع. انظر: مشكاة المصابيح (١/ ٥٨) (ح ١٦٥).