للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زلة العالم تقليده فيها، إذ لولا التقليد لما يخف من زلة العالم على غيره.

قال ابن القيم: "والمصنفون في السنة جمعوا بين فساد التقليد وبيان زلة العالم ليبينوا بذلك فساد التقليد، وأن العالم قد يزل ولا بد إذ ليس بمعصوم، فلا يجوز قبول كل ما يقوله وينزل قوله منزلة قول المعصوم، فهذا الذي ذمه كل عالم على وجه الأرض، وحرموه، وذموا أهله، وهو أصل بلاء المقلدين وقتهم، فإنهم يقلدون العالم فيما زل فيه وفيما لم يزل فيه، وليس لهم تمييز بين ذلك، فيأخذون الدين بالخطأ ولا بد فيحلون ما حرم الله، ويحرمون ما أحل الله، ويشرعون ما لم يشرع، ولا بد لهم من ذلك إذ كانت العصمة منتفية عمن قلدوه، فالخطأ واقع منه ولا بد" (١).

قال الشعبي: قال عمر بن الخطاب : "يفسد الزمان ثلاثة: أئمة مضلون، وجدال منافق بالقرآن، والقرآن حق، وزلة عالم" (٢)، وعن ابن عباس قال: "ويل للأتباع من عثرات العالم"، قيل: وكيف ذاك يا أبا العباس؟، قال: "يقول العالم من قبل رأيه، ثم يسمع الحديث عن النبي فيدع ما كان عليه"، وفي لفظ: "فيلقى من هو أعلم برسول الله منه فيخبره فيرجع ويقضي الأتباع بما حكم" (٣).

وعن ابن مسعود قال: "لا يقلدن أحدكم دينه رجلًا إن آمنأمن وإن كفر كفر، فإنه لا أسوة في الشر" (٤).

قال ابن القيم: "والفرق بين تجريد متابعة المعصوم وإهدار أقوال العلماء وإلغائها: أن تجريد المتابعة أن لا تُقدم على ما جاء به قول أحد ولا رأيه كائنًا من كان. بل تنظر في صحة الحديث أولًا، فإذا


(١) إعلام الموقعين (٢/ ١٩٢).
(٢) المصدر السابق (٢/ ١٩٣).
(٣) المصدر السابق.
(٤) المصدر السابق (٢/ ١٩٥).

<<  <   >  >>