للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والنصارى من الكفر بقول اليهود: عُزير ابن الله، وقول النصارى: المسيح ابن الله إنما هو نتيجة التقليد لمن قبلهم من الوثنيين، قال تعالى: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٣٠)[التوبة].

كما ذمَّ سبحانه صنيع اليهود والنصارى مع علمائهم حيث قلدوهم في جميع ما يقولون، فأحلوا لهم ما حرم الله، وحرموا عليهم ما أحل الله، قال تعالى: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٣١].

كما ذم من امتنع عن قبول الحق تقليدًا للآباء فقال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (٢٣) قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ﴾ [الزخرف].

قال ابن القيم رحمه الله تعالى: "وقد احتج العلماء بهذه الآيات في إبطال التقليد ولم يمنعهم كفر أولئك من الاحتجاج بها؛ لأن التشبيه لم يقع من جهة كفر أحدهما وإيمان الآخر، وإنما وقع التشبيه بين المقلدين بغير حجة للمقلد، كما لو قلد رجلًا فكفر، وقلد آخر فأذنب، وقلد آخر في مسألة فأخطأ وجهها، كان كل واحد ملومًا على التقليد بغير حجة؛ لأن كل ذلك تقليد يشبه بعضه بعضًا وإن اختلفت الآثام فيه" (١).

وقال رسول الله : "إني لا أخاف على أمتي من بعدي إلا من أعمال ثلاثة"، قالوا: وما هي يا رسول الله؟، قال: "أخاف عليهم: زلة العالم، ومن حكم جائر، ومن هوى متبع" (٢)، ومن المعلوم أن الخوف من


(١) إعلام الموقعين (٢/ ١٩١).
(٢) أخرجه الدارمي في سننه، المقدمة باب (٢٣).

<<  <   >  >>