للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن المعلوم أن النبي قد بين لأمته سبيل النجاة والفلاح وحثهم على سلوكه والسير عليه، كما حذرهم من سبل الهلاك والضلال وبين لهم ماضيها من الخسران والتعاسة الدنيوية والأخروية، قال تعالى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٥٣)[الأنعام]، وهذه الوصية عامة لكل من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وقد ختم الله الآية بقوله﴾ ولعلكم تتقون﴾، والتقوى حقيقتها: "العمل بطاعة الله إيمانًا واحتسابًا، أمرًا ونهيًا، فالمتقي يفعل ما أمره الله به إيمانًا بالأمر وتصديقًا بوعده، ويترك ما نهى الله عنه إيمانًا بالنهي وخوفًا من وعيده".

وقال طلق بن حبيب (١): "التقوى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله وأن تترك معصية الله على نور من الله، تخاف عقاب الله". وطاعة الله تتحقق بطاعة رسوله والسير على نهجه وسلوك سبيله، قال تعالى: ﴿ومن يطع الرسول فقد أطاع الله﴾ [النساء: ١٨٠].

وفي الحديث: "فمن أطاع محمد فقد أطاع الله، ومن عصامحمد فقد عصى الله".

ولذلك فإنه لم يبق للإنسان إلا أن يختار أي الطريقين يسلك، قال تعالى: ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (٣)[الإنسان]، وليتحمل بعد ذلك مسؤولية ما قدم من عمل كما قال تعالى: ﴿بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (١٤) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ (١٥)[القيامة]، وقال تعالى: ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (٣٩) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (٤٠) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى (٤١)[النجم].

وإن المسلم الواعي العارف لأمور دينه يعلم أن الخير كل الخير في


(١) طلق بن حبيب العنزي البصري: تابعي ثقة كان أعبد أهل زمانه، قتله الحجاج مع سعيد بن جبير، تهذيب التهذيب (٥/ ٣١ - ٣٢).

<<  <   >  >>