من المعلوم أن ما نزل من القرآن في مكة كان يخاطب مجتمعا وثنيا فشا فيه الشرك، وانتشرت فيه الأصنام، ولم يتلق الدعوة الإسلامية بالقبول والتسليم، بل أخذ يناوؤها العداء، ويضطهد أتباعها، ويحارب رسولها.
وفي المدينة كان القرآن الكريم غالبا يخاطب أتباعه المؤمنين يأمرهم فينقادون إليه، وينهاهم فينتهون عما نهى عنه.
وإذا كان الأمر كذلك فلا شك أن البلاغة تقتضي الاختلاف في الأسلوب والاختلاف في المعاني والموضوعات بين ما نزل في مكة، وما نزل في المدنية، فمن مميزات السور المكية.
١- تأسيس العقيدة الإسلامية في النفوس بالدعوة إلى عبادة الله وحده والإيمان برسالة محمد -صلى الله عليه وسلم- وباليوم الآخر، وإبطال المعتقدات الوثنية الجاهلية وعبادة غير الله وإيراد الحجج والبراهين على ذلك.
٢- تشريع أصول العبادات والمعاملات والآداب والفضائل العامة ففي مكة فرضت الصلوات الخمس مثلا وحرم أكل مال اليتيم ظلمًا، كما حرم الكبر والخيلاء ونحوها.
٣- الاهتمام بتفصيل قصص الأنبياء والأمم السابقة، وبيان ما دعا إليه الأنبياء السابقون من عقائد، ومواقف أممهم منهم وما نزل بالمكذبين من عذاب دنيوي جزاء تكذيبهم وإيراد الحوار بين الأنبياء وخصومهم وإبطال حججهم بما يوحي إلى أهل مكة بوجوب أخذ العبرة من هؤلاء وفي هذا بسط أيضا للعقيدة الإسلامية الصحيحة.