[القول الثاني أن التأويل هو الحقيقة التي يؤول إليها الخطاب]
...
القول الثاني: أن التأويل هو الحقيقة التي يئول إليها الخطاب:
وهي نفس الحقائق التي أخبر الله عنها.
فتأويل ما أخبر به عن اليوم الآخر هو نفس ما يكون في اليوم الآخر، وتأويل ما أخبر به عن نفسه هو نفسه المقدسة الموصوفة بصفاته العلية.
وهذا التأويل هو الذي لا يعلمه إلا الله، ولهذا كان السلف يقولون:"الاستواء معلوم، والكيف مجهول" فيثبتون العلم بالاستواء، وهو التأويل الذي بمعنى التفسير، وهو معرفة المراد بالكلام حتى يتدبر، ويعقل، ويفقه، ويقولون: الكيف مجهول، وهو التأويل الذي انفرد الله بعلمه، وهو الحقيقة التي لا يعلمها إلا هو"١.
وعليه فإن الوقف يكون على لفظ الجلالة في قوله تعالى:{وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِه} ، والواو للاستئناف، والراسخون مبتدأ، ويقولون خبره. وقال بهذا القول نيف وعشرون رجلًا من الصحابة والتابعين والقراء والفقهاء وأهل اللغة، فمن الصحابة: عائشة وابن عباس وابن مسعود، وابن عمر، وأبي بن كعب، وجابر بن عبد الله، رضي الله عنهم فقد روي عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: "بلغ رسوخهم في العلم إلى أن قالوا: آمنا به" وفي رواية "ولم يعلموا تأويله" وما أخرجه الشيخان وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها قالت: "تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَاب} إلى قوله: {أُولُو الْأَلْبَاب} ، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم". وكان ابن عباس -رضي الله عنهما- يقرأ:"وما يعلم تأويله إلا الله ويقول الراسخون في العلم آمنا به". وهي قراءة على التفسير وقراءة ابن مسعود رضي الله عنه "وإن تأويله إلا عند الله، والراسخون في العلم يقولون آمنا به" أخرجه ابن أبي داود في المصاحف.
وقال به من التابعين ثلاثة: الحسن وابن نهيك والضحاك، وقال به من الفقهاء مالك بن أنس، ومن القراء ثلاثة: نافع ويعقوب والكسائي، ومن النحويين: الأخفش وسعيد، والفراء وسهيل بن محمد، ويروى عن عمر بن