للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والرأي الراجح:

والراجح من هذه الأقوال فيما أرى هو أولها؛ إذ نص علماء السلف على وجوب التزام رسم المصحف وتحريم مخالفته ونستدل على ذلك ما يلي:

١- أن القرآن كتب بهذا الرسم في عهد عثمان وفيه كبار الصحابة فتلقوه هم وبقية الصحابة حينذاك وعددهم لا يقل عن اثني عشر ألفًا بالقبول ولم يعترض أحدهم على زيادة حرف أو نقصانه، وتلقاه من بعدهم التابعون ومن بعدهم. فلا يترك هذا الرسم مراعاة لجهل الجاهلين، وتقصير المقصرين.

٢- أن الكتابة كغيرها من العلوم والمعارف تتغير وتتبدل، وتتطور من عصر إلى عصر ومن بلد إلى بلد، فلو كتب في عصرنا هذا على طريقتنا في الكتابة لاحتاج من في المغرب العربي إلى كتابته بصورة أخرى، واحتاج من الهند وباكستان إلى كتابة ثالثة، ولاحتاجت الأجيال من بعدنا إلى تغيير وتبديل يعرض النص القرآني في كل مرة إلى الخطأ أو التحريف والتغيير.

٣- أن تغيير رسم المصحف كلما هبت ريح أو أشرقت شمس أو آذنت بغروب يعرض المصحف للامتهان، ويمس قداسته، ويغض من هيبته، ويقلل من احترامه فتعتاد النفوس ويتبلد الإحساس وتخمد الغيرة على النص القرآني.

٤- أن إجازة كتابته بالرسم الإملائي وانتشاره بذلك واعتياد الناس لذلك يمهد للدعوة إلى تغيير الأحرف العربية وكتابة اللفظ بالأحرف اللاتينية ما دام النطق واللفظ هو اللفظ. بل الدعوة قائمة الآن إلى كتابة القرآن بالأحرف اللاتينية.

٥- أن للرسم العثماني فوائده وحكمه، ومزاياه التي يضمنها الالتزام بالرسم العثماني ولا تتحقق في سواه.

٦- أن تعليم القرآن وحفظه لا يكون من المصحف وإنما عن طريق المشافهة عن حافظ متقن، ومن سلك هذا الطريق لم يشكل عليه رسم، وإنما الإشكال ممن لم يلتزم الطريق الصحيح وقرأ من المصحف وحده فالخطأ من قبله هو أتى.

<<  <   >  >>