من المعلوم أن المصاحف في عهد الصحابة -رضي الله عنهم- لم تكن منقوطة ولا مضبوطة بالشكل. وقد كان ذلك لأنهم كانوا عربًا خلصًا يقرءون بفهمهم أكثر أو مثل ما يقرءون بالحروف الماثلة أمامهم.
ولما اتسعت الفتوحات الإسلامية واختلط العرب بالعجم دخل اللحن في لسان الأحفاد، وأخطر ما يكون اللحن وأشده حين يقع في القرآن الكريم. وأكثر من يدرك فشو اللحن وانتشاره من يقيم في بلاد العجم السابقة كالعراق بلاد الفرس.
وقد كان زياد بن عبيد الله والي البصرة "٤٤-٥٣هـ" في خلافة معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- وحين رأى زياد ظهور اللحن خشي أن ينال القرآن منه شيء فبعث إلى أبي الأسود الدؤلي وقال له: يا أبا الأسود إن هذه الحمراء -يعني العجم- قد كثرت، وأفسدت من ألسن العرب، فلو وضعت شيئًا يصلح به الناس كلامهم، ويعربون به كتاب الله تعالى فأبى ذلك أبو الأسود، وكره إجابة زياد إلى ما سأل هيبة للقرآن وإجلالًا أن يضع فيه ما ليس منه، حتى سمع أبو الأسود رجلًا يقرأ قوله تعالى:{أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} ١ بكسر اللام من ورسوله فاستعظم أبو الأسود