للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سادسًا: الدلالة على مصدر القرآن، وأنه من الله تعالى وليس في قدرة البشر:

وقد أوضح الشيخ الزرقاني -رحمه الله تعالى- هذه الحكمة فقال: وبيان ذلك: أن القرآن تقرؤه من أوله إلى آخره، فإذا هو محكم السرد، دقيق السبك، متين الأسلوب، قوي الاتصال، آخذ بعضه برقاب بعض في سورة وآياته وجمله، يجري دم الإعجاز فيه من ألفه إلى يائه كأنه سبيكة واحدة، ولا يكاد يوجد بين أجزائه تفكك، ولا تخاذل، كأنه حلقة مفرغة، أو كأنه سمط وحيد، وعقد فريد، يأخذ بالإبصار، نظمت حروفه وكلماته، ونسقت جمله وآياته، وجاء آخره مساوقًا لأوله، وبدا أوله مواتيًا لآخره.

وهنا نتساءل: كيف اتسق للقرآن هذا التآليف المعجز؟ وكيف استقام له هذا التناسق المدهش؟ على حين أنه لم ينزل جملة واحدة، بل تنزل آحادًا مفرقة، تفرق الوقائع والحوادث في أكثر من عشرين سنة.

الجواب: أننا نلمح هنا سرًّا جديدًا من أسرار الإعجاز، ونشهد سمة فذة من سمات الربوبية، ونقرأ دليلًا ساطعًا على مصدر القرآن وأنه كلام الواحد الديان: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا} ١، ٢.


١ سورة النساء: الآية ٨٢.
٢ مناهل العرفان: الزرقاني: ج١ ص٥٣، ٥٤.

<<  <   >  >>