وقد ضاقت عقول فئة من الناس فلم تؤمن إلا بعالم الشهادة وأنكرت عالم الغيب، وهذا بلا شك قصور في الإدراك وفي وسائله.
ولو تأمل هؤلاء لأدركوا أن فيما أنكروا ما لا يخفى على ذي لب، وأن في عالم الغيب ما هو أقوى ثبوتًا من بعض ما في عالم الشهادة.
أرأيتم ذلك العقل الذي يؤمنون به هل يستطيعون إثبات وجوده بوسائل الإدراك عندهم، وهل يجرؤ أحدهم على إنكار وجوده.
وتلكم الروح التي تسري في أجسادهم هل يدعي أحدهم إنكارها ولو مجرد دعوى.
هل يجرؤ أحدهم على التسوية بين الجسد الميت والجسد الذي تدب فيه الروح، وهل يستطيع بوسائل إدراكه إثبات وجودها.
ألا فليراجع أولئك وسائل الإدراك عندهم وليعلموا قصورها وليبحثوا عن الخلل فيها. وليعلموا -أيضًا- أن هناك عالمًا آخر أوسع من العالم الذي يعيشون فيه. هو عالم الغيب.
وللمتأمل في عالم الشهادة علامات بارزة وأدلة ثابتة لذوي الألباب تدل دلالة قاطعة على عالم الغيب.