للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتعتبر هذه المرحلة أعلى من المرتبة التي قبلها في التحريم حيث صرحت بالإثم، وصرحت بأن الإثم أكبر من النفع، وفي ذلك إشارة إلى أن العاقل لا يقدم على فعل شيء ضرره أكبر من نفعه وأن عليه أن يفكر في ذلك، ولهذا جاءت الفاصلة في الآية: {لَعَلَّكُم تَتَفَكَّرُونَ} فكان النص على الإثم توطئة للنص على التحريم ولو في أوقات مخصوصة في المرحلة الثالثة.

المرحلة الثالثة:

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} ١ وهي أول نص في التحريم، وحتى التحريم كان على مرحلتين تلك المرحلة هي المرحلة الأولى منه تحريم في أوقات معينة وهناك أوقات يظل الخمر فيها مباحًا لكن هذه الأوقات تضيق حتى لا يكاد مبتغيها يجدها؛ فإن شرب بعد الظهر فلن يدري ما يقول قبل العصر وإن شرب بعد العصر فلن يدري قبل المغرب وإن شرب بعد المغرب فلن يدري قبل العشاء، ويقل الشرب بعد العشاء لمزاحمته وقت النوم وهم ليسوا أهل سمر وسهر، فمن يسهر سينام في النهار وكيف يكتسب معاشه، وإن نام بعد العشاء وشرب بعد الفجر فكيف سيعمل ويكتسب وهو في هذه الحالة!! ولهذا قال ابن كثير: "وقد يحتمل أن يكون المراد التعريض بالنهي عن السكر بالكلية لكونهم مأمورين بالصلاة في الخمسة الأوقات من الليل والنهار فلا يتمكن شارب الخمر من أداء الصلاة في أوقاتها دائما والله أعلم"٢، كل هذا كان إرهاصا وتوطئة لتحريم الخمر تحريمًا قاطعًا صارمًا عامًّا شاملًا في المرحلة الرابعة وهي:

المرحلة الرابعة:

قوله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} ٣.


١ سورة النساء: الآية ٤٣.
٢ تفسير ابن كثير: ج٢ ص٥٤٨.
٣ سورة المائدة: ٩٠.

<<  <   >  >>