للنظام وآخرين، أن المراد بالصرفة أن الله صرف العرب عن الاهتمام بمعارضة القرآن الكريم مع قدرتهم عليها ولو توجهوا إليها لقدروا على الإتيان بمثل هذا القرآن.
٢- والقول الثاني:
للمرتضى من الرافضة، ومراده بالصرفة أن الله سلب العرب العلوم التي يحتاجون إليها للإتيان بمثل هذا القرآن ولو توجهوا للإتيان بمثله لما استطاعوا، لسلبهم هذه العلوم.
والفرق بين رأي النظام وأتباعه والمرتضى ومن معه أن النظام يرى أن العرب لو أرادوا الإتيان بمثله لاستطاعوا ولكن همتهم لم تتوجه لذلك، أما المرتضى فيرى أن العرب لا يستطيعون الإتيان بمثله ولو أرادو ذلك؛ لأنهم لا يملكون العلوم التي تمكنهم من ذلك، فالفرق بينهما أن النظام يرى أن العرب يستطيعون لو أرادوا والمرتضى يرى عدم استطاعتهم، وكلا القولين غير صحيح.
ونرد على ذلك بثلاثة ردود، الأول:
رد مشترك على القولين لإبطال القول بالصرفة عامة، والثاني رد على مذهب النظام، والثالث رد على مذهب المرتضى.
أما الرد العام على القول بالصرفة، فإنا نقول:
إنه يلزم من القول بالصرفة أن الإعجاز ليس في القرآن ذاته وإنما في غيره وهو عدم استطاعتهم، فالقرآن بزعمهم ليس معجزًا، إنما الإعجاز في المنع، وهذا باطل، قال أبو بكر الباقلاني:"ومما يبطل القول بالصرفة، أنه لو كانت المعارضة ممكنة، وإنما منع منها الصرفة لم يكن الكلام معجزًا وإنما يكون المنع معجزًا، فلا يتضمن الكلام فضيلة على غيره في نفسه"١.
ونقول أيضًا:
إن ديوان العرب محفوظ شعره ونثره وليس فيه قبل أن يسلبوا الاهتمام بالإتيان بمثله، أو تسلب منهم العلوم كما يزعم هؤلاء وأولئك ما يماثل القرآن أو يدانيه.