للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن وجه الإعجاز هو أمر من جنس البلاغة والفصاحة ولا طريق لك إلى هذا الخامس إلا طول خدمة هذين العلمين بعد فضل إلهي"١.

الخامس: أن وجه الإعجاز في القرآن الكريم علومه ومعارفه:

وذهب إلى هذا القول عدد من العلماء قديمًا وحديثًا؛ قال به الغزالي "ت٥٠٥هـ" والفخر الرازي "ت٦٠٦هـ" والزركشي "ت٧٩٤هـ" والسيوطي "ت٩١١هـ" ومن المتأخرين الجوهري والإسكندراني والكواكبي والمراغي ومحمد رشيد رضا ومحمد فريد وجدي والقاسمي ومصطفى الرافعي ومحمود شكري الألوسي وابن باديس والغمراوي وعبد الرزاق نوفل وغيرهم كثير٢ وسيأتي إن شاء الله مزيد بيان لهذا الوجه.

والأقوال في وجه الإعجاز في القرآن الكريم كثيرة وكثرتها ناشئة من تكرار بعضها؛ إذ إن بعض هذه الأوجه داخل في بعض، قال الألوسي: "قد أطال العلماء الكلام على وجه إعجاز القرآن وأتوا بوجوه شتى، الكثير منها خواصه وفضائله"٣.

والرأي الراجح:

في وجه الإعجاز في القرآن أن لا يقتصر على وجه واحد فإعجازه مركب من وجوه عدة، فهو معجز في نظمه وفي أسلوبه وفي بلاغته وفي أخباره وفي علومه ومعارفه كما قال الزركشي -رحمه الله تعالى- وهو يعدد أوجه الإعجاز: "الثاني عشر: وهو قول أهل التحقيق أن الإعجاز وقع بجميع ما سبق من الأقوال، لا بكل واحد على انفراده فإنه جمع كلهن فلا معنى لنسبته إلى واحد منها بمفرده مع اشتماله على الجميع، بل وغير ذلك مما لم يسبق"٤ وقال الألوسي في ترجيحه: "والذي يخطر بقلب هذا


١ مفتاح العلوم: السكاكي ص٢١٦.
٢ انظر كتابي "اتجاهات التفسير في القرآن الرابع عشر"، ج٢ ص٥٥٠ وما بعدها.
٣ روح المعاني: الألوسي ج١ ص٢٩.
٤ البرهان في علوم القرآن: الزركشي ج٢ ص١٠٦.

<<  <   >  >>