للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بين جهمية ومعتزلة يتأولون بعض ما جاء في اليوم الآخر، وفي آيات القدر، ويتأولون آيات الصفات، وقد وافقهم بعض متأخري الأشعرية على ما جاء في بعض الصفات، وبعضهم في بعض ما جاء في اليوم الآخر، وآخرون من أصناف الأمة وإن كان تغلب عليهم السنة، فقد يتأولون أيضًا مواضع يكون تأويلهم من تحريف الكلم عن مواضعه"١.

وذكر في موضع آخر أمثلة لهذه التأويلات فقال: "كتأويل من تأول استوى بمعنى استولى ونحوه فهذا عند السلف والأئمة باطل لا حقيقة له، بل هو من باب تحريف الكلم عن مواضعه والإلحاد في أسماء الله وآياته.

فلا يقال في مثل هذا التأويل: "لا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم" بل يقال فيه: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ} ٢ كتأويلات الجهمية والقرامطة الباطنية، كتأويل من تأول الصلوات الخمس بمعرفة أسرارهم، والصيام: بكتمان أسرارهم، والحج بزيارة شيوخهم، والإمام المبين بعلي بن أبي طالب، وأئمة الكفر بطلحة والزبير، والشجرة الملعونة في القرآن ببني أمية، واللؤلؤ والمرجان، بالحس والحسين، والتين والزيتون وطور سينين، وهذا البلد الأمين بأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، والبقرة بعائشة، وفرعون بالقلب، والنجم والقمر والشمس بالنفس والعقل ونحو ذلك.

فهذه التأويلات من باب تحريف الكلم عن مواضعه والإلحاد في آيات الله وهي من باب الكذب على الله وعلى رسوله وكتابه، ومثل هذه لا تجعل حقًّا حتى يقال: إن الله استأثر بعلمها، بل هي باطل، مثل شهادة الزور، وكفر الكفار، يعلم الله أنها باطل، والله يعلم عباده بطلانها بالأسباب التي


١ مجموع الفتاوى: ابن تيمية ج١٣ ص٢٨٧.
٢ سورة يونس: الآية ١٨.

<<  <   >  >>