وأقاموا فيها أصنامهم فكان بها -على ما يروى- ثلاثمائة وستون صنمًا يحجون إليها كل عام، وكانت قريش تتولى خدمة البيت الحرام الذي تعظمه العرب وتقدسه، فقريش كانوا سدنته، يحافظون عليه ويتعهدونه بالعناية والرعاية، وهذا يجعلها موضع الاحترام من العرب جميعًا ولا شك أن اختلاطها بهم جعلها تسمع لغات القبائل كلها كل عام فكانت تنتقي أحسن الألفاظ وأعذب الكلمات من كل هذه اللهجات، وتضمها إلى لغتها، ويقولون: إن مما ساعد قريشًا على تقبل ألفاظ غيرها بسهولة كونهم حضريين، وتعود أسماعهم على كثير من الألسنة المختلفة التي كانت تفد إليهم. فطوع ذلك لسان قريش، وجعله مرنًا، يتقبل ألفاظًا غير ألفاظه في غير مشقة ولا عسر، بعكس البدوي الذي يقيم في الصحراء منعزلًا، لم يمرن لسانه على النطق بألفاظ غيره في سهولة ويسر، فاكتسبت لغة قريش بذلك ثروة من اللهجات الأخرى، وصار لسانها سهلًا سلسًا، بجانب ما خلع مركزهم الديني عليهم وعلى لغتهم من سمات الهيبة والاحترام.