رأينا فيما سبق أن كل معلقة كانت أثرًا لانفعال معين لدى الشاعر، سيطر عليه من أول القصيدة إلى آخرها، وكان هذا الانفعال يوجه الشاعر من البدء فيحدد له الزاوية التي يبدأ منها، وبمجرد أن ينتهي من افتتاحيته، كانت تتوالى عليه الخواطر وتتوارد الأفكار من باب تداعي المعاني، والحديث ذو شجون، فكانت الفكرة تسوقه إلى أخرى تتصل بها أو تستدعيها إلى أن ينتهي مما يريد، ومن ثم جاءت الأفكار فيها مترابطة متوالية في تسلسل شعري لطيف، فالحبكة الموضوعية فيها تامة.
وأحيانًا يستطرد الشاعر فيتحدث عن أشياء قد تبدو لأول وهلة أنها خارجة عن الإطار الذي يسير فيه، ولكن بأقل تأمل سوف يتبين أنها وثيقة الصلة بالفكرة التي يعرضها، كوصف مطاردة الحمار للأتان، وفرار البقرة الوحشية الحزينة الفزعة، في معلقة لبيد، فقد أوردهما