وحب العظمة، والأطلال فيها وإن قاربت أن تطمس، فإنها تلمع وتبرق، وموكب الحبيبة ضخم عظيم، وفي معلقة زهير روح الأمن والسلام، ومقدمتها أطلال أصبحت مأوى البقر والظباء تعيش فيها آمنة مستقرة فيرضيه هذا ويدعو للربع بالنعيم والسلام، وظعائن تسير حتى تصل إلى مكان الراحة والاطمئنان فيدخل منظرهن في نفسه البهجة والسرور، ومعلقة لبيد رمز للكفاح ومحاولة التصرف مع الواقع بما يناسبه بدون تشبث بالأوهام والخيالات، وأطلاله أصبحت لا جدوى منها فلا ينبغي أن يعيش في الأحلام، والحبيبة قد بعدت وقطعت الصلة، فليعاملها بالمثل، أما عنترة فيصور الشهامة ومن أهم مبادئها الوفاء بالعهد وحماية المرأة وصون شرفها، فالطلل وإن أقوى وأقفر فله التحية، وهي وإن بعدت فهو باقٍ على عهدها قد تمكن حبها في قلبه منذ أن رآها عرضًا، ومع بعدها وعداوة قومها له، فسيظل أمينًا مخلصًا لها.
وأما عمرو بن كلثوم فيصور في معلقته التعالي وحب العظمة، وبدؤه تحقق فيه ذلك، فهو يطلب الصبوح، ويأبى إلا أن يكون من أجود الأنواع، ولا يحب أن يكون فراق الظعينة لقطيعة أو خيانة للعهد، وإلا كان له في ذلك شأن، وأما الحارث بن حلزة فهو في معلقته غضوب ثائر لكرامته، يحب الصراحة، ويحارب التآمر في الخفاء، فكذلك كان بدؤه فصارحته الحبيبة بالرحيل، وبعدت عنه فصرح بأنه لا أمل له في شيء منها، فليتجه نحو ما يهمه وما يعنيه.