المحافظة على التقاليد الشعرية: في القصائد الطوال نجد الشعراء الجاهليين قد التزموا، على وجه العموم، تقاليد معينة نراها في جميع القصائد، فكانوا يبدءون قصائدهم الطوال عادة بافتتاحية خاصة، وكان الشاعر بذكائه يحاول أن يجعل افتتاحيته مناسبة لما سيتحدث عنه، ولذا تعددت هذه الافتتاحيات، ولكن كان أهمها الوقوف على الأطلال، والبكاء والاستبكاء عند الرسوم والآثار، وقد سبق أن وضحنا ما يمكن أن يكون تعليلًا لهذه الظاهرة، وقد يبدأ الشاعر حديثه بخطاب بعض أصدقائه أو رفاقه، والغالب في ذلك أن يكونا اثنين، كأنهم ما كانوا يسيرون إلا في جماعة، ثلاثة فأكثر، وكانت مهمة الزملاء تهدئة خاطر الحبيب، والترويح عن نفسه وتسرية الهم والحزن عنه، حينما تستبد به الذكريات، وتنهمر الدموع من عينيه، وبعد ذلك يستعيد الشاعر ساعة الفراق، فيصف موكب الحبيبة، حينما بدأ قومها الارتحال، ويتابع الشاعر تحركاتهم وسيرهم، وسط الأودية وفي منعرجات الطرق،