للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن الناحية الاقتصادية: كانت مكة موطن قريش، تقع في وسط شبه الجزيرة العربية تقريبًا. وكانت زمزم تفيض بالقرب منها، فكانت مركزًا تجاريًّا هامًّا، تمر بها القوافل التجارية ذهابًا وإيابًا، حيث يجدون بها مكانًا طيبًا للراحة بعد مرحلة طويلة من السفر الشاق بين ربوع الصحراء بمرتفعاتها ومنخفضاتها، وطرقها الملتوية، وسبلها غير الممهدة، فيستريحون من عناء السفر، ووعثاء الطرق ويتزودون بما يجدون فيها من زاد وماء؛ فهذه الحركة التجارية أثرت ولا شك في مركز قريش المالي، مما جعلها غنية ثرية، ثم حببها ذلك أيضًا في الاشتغال بالتجارة١٣ فكانوا يقومون برحلات تجارية خارج مكة بجانب تجارتها الداخلية بها، مما زادهم غنى وثراء حتى مَن الله عليهم بذلك في قوله تعالى {لإِيلافِ قُرَيْشٍ، إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ، الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} . ولا شك أن الثروة تخلع على صاحبها مهابة وجلالًا، وتجعله موضع الاحترام والإكبار من الجميع؛ فاختلاط قريش بغيرها في تجاراتهم الخارجية والداخلية لا بد أن يكون قد أكسبها ثروة لغوية مما تسمع من غيرها، سواء عند حلولهم في ديارهم، أو عند ذهاب قريش إليهم في مواطنهم،


١٣ سبق أن ذكرنا الظروف الجغرافية والداخلية والخارجية التي ساعدت على انتعاش الحركة التجارية في مكة، واشتغال أهلها بالتجارة.

<<  <   >  >>