الفخر هو التغني بالأمجاد، ويكون عادة بادعاء أشياء للنفس أو للقبيلة ليست في متناول الجميع بيسر وسهولة، وهو في الشعر الجاهلي نوعان: شخصي وقبلي، ومن خير الأمثلة له: معلقة عمرو بن كلثوم ومعلقة الحارث بن حلزة وهما في الفخر القبلي، ومعلقة طرفة ومعلقة عنترة، وهما في الفخر الشخصي، والنوعان في معلقة لبيد، وقد ورد الفخر في كثير من القصائد للشعراء المذكورين من أصحاب المعلقات وغيرهم. مثل عامر بن الطفيل، وعبيد بن الأبرص، وسلامة بن جندل، والحصين بن الحمام، وفي أشعار كثير غير هؤلاء، بل إن كل شاعر جاهلي تقريبًا لا يخلو شعره من الفخر.
وكان الفخر عند الجاهليين يقوم عادة على التغني بالبطولة والشهامة، وكثرة الحروب، وشن الغارات، والنصر والغلبة، والقوة، والبأس، والعدد، والخيل، والإبل، والسلاح، وإثارة الفزع في نفوس الأعداء، ومنازلة الملوك والرؤساء، وكثرة الغنائم، والأسرى والسبايا، كما كانوا يتباهون بالأصل والنسب والحسب والآباء والأجداد، وما كان لهم من مفاخر وأمجاد، وبأصالة الرأي، وسداد القول، وبعد النظر، وكمال العقل، والوقار والرزانة والحلم والأناة، والمروءة، والوفاء، وبالمحبة والصفاء بين العشيرة، وسد حاجة المحتاج منهم، وتحمل الغني أعباء القبيلة، ورعاية للفقراء منها، والصفح فيما بينهم عن هفوات بعضهم، وعدم التفاخر فيما بينهم، وتضامنهم، وعظم المجالس، واحترامهم، وبعدهم عن الفحش، والصغار، وبشرب الخمر، والتفاني في شرابها وإسقائها للآخرين، والتضحية في سبيلها بأكرم الأموال، وأغلى الممتلكات، وبالطيب، وطول الثياب، ولعب الميسر، والقمار، وعقر النوق، والتباري في عقرها، وإكرام الضيفان، واتساع النادي، وكثرة الجفان وبرعاية الجار، والمحافظة على شرفه، وأمواله، وكذلك اللاجئ وإغاثة الملهوف، وتلبية النداء في غير ما توانٍ أو تلكؤ، كما تفاخروا بالفصاحة والبيان، وجيد القول، وروائع الشعر، والغلبة في المناقشة والجدال.
ومن أمثلة الفخر ما جاء في قصيدة لسويد بن أبي كاهل اليشكري، يتغنى بأمجاد قومه، إذ يقول١١٤: