للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بسم الله الرحمن الرحيم

[مقدمة]

اتصلت بالأدب الجاهلي منذ فترة طويلة، وأعجبني ما فيه من صدق العاطفة، وجودة التعبير، فأحببته، وشغفت به فاتجهت لدراسته والبحث فيه، فدرست شعر الحرب في العصر الجاهلي، وفي أثناء دراستي لهذا الموضوع، رجعت إلى كل مراجع الشعر الجاهلي، وبخاصة دواوين الشعراء الجاهليين، فرأيت من له ديوان من الشعراء قد يكون له روايات عديدة تختلف فيما بينها في عدد الأبيات، وترتيبها ومناسباتها، وطول القصائد وقصرها، وبعضها مشروح وبعضها بدون شرح، والمشروح منها، كثيرًا ما يكون فيه ألفاظ تحتاج إلى شرح وتفسير، لأنها كانت لغة عصر غير عصرنا الحاضر، فوددت لو نُسقت روايات كل ديوان، وجمعت في كتاب واحد، ووضعت في ترتيب يسهل على الدارس أو القارئ مهمته، أو يحببه في قراءته، ويساعده على معرفة قصد الشاعر في يسر وراحة؛ فأخرجت ديوان طرفة بن العبد، وقد جمعت فيه ما ظهر له من روايات، ورتبت قوافيه ترتيبا هجائيًّا، وجعلت لكل بيت رقمًا خاصا لتسهل الإشارة والرجوع إليه، ثم شرحته بلغة عصرنا الحاضر؛ ألفاظًا وإجمالًا، وأتبعت ذلك بدراسة تحليلية نقدية لشعره.

وفي أثناء كل هذه الدراسات كنت أرجع إلى كتب الأدب التي عنيت بالعصر الجاهلي، فلم أجد من بينها تاريخًا شاملًا لكل جوانبه، يتضمن كل ما يحتاج إليه القارئ أو الباحث، فكلها تترك موضوعات أساسية، أو تكتفي بإشارة عابرة إلى بعض الموضوعات أو الشخصيات لا تشفي غلة الباحث ولا تطفئ ظمأه، وبعضها يفيض في الحديث عن موضوعات لا تتصل بالأدب الجاهلي إلا عن بعد، مثل الحديث عن"كلمة أدب" وهذا أشد اتصالا بالنقد الأدبي، ومثل الحديث عن الساميين. لأن العرب منهم -والحديث عن الكتابة العربية- لأن الأدب الجاهلي دون بها، وظاهر أن هذين الموضوعين مما يتصل بتاريخ العرب العام، لا بالأدب الجاهلي وحده.

 >  >>