للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن كتبوا في تاريخ الأدب الجاهلي حتى الآن يتفقون جميعهم في اختيار بعض الشخصيات الأدبية ودراستها كنماذج لهذا العصر، يستنتجون منها خصائص هذا الأدب وسماته العامة وبذلك ينتهي عندهم تاريخ الأدب الجاهلي.

حقيقة: إن هذه الموضوعات مفيدة جدًّا، وقد بذل فيها أصحابها جهدًا يستحقون عليه كل شكر وتقدير. ولا شك أنها تعطي فكرة واضحة عن الأدب في هذا العصر بوجه عام، كما أنها تعطي نماذج ممتازة لدراسة الموضوعات والشخصيات الأدبية. ولكنها لا تتضمن كثيرًا مما يحب الباحث أن يعرفه عن تاريخ الأدب الجاهلي، كما لا تغنيه عن الرجوع إلى أمهات الكتب الأدبية والتاريخية لاستجلاء غامض أو استكشاف مجهول.

ففكرت في أن أضيف لبنة في صرح تاريخ الأدب الجاهلي الضخم، لعلها تلبي رغبة في نفس الباحث في هذا الميدان، وبخاصة طلاب الجامعات الذين هم في حاجة إلى معرفة ما في تاريخ الأدب الجاهلي من آفاق واسعة، وجوانب كثيرة متعددة يصلح كل منها لدراسة مستفيضة، فكان هذا الكتاب. وهو ثلاثة أقسام: الأول: عن العرب الجاهليين، وحياتهم وظروفهم من حيث كونها مؤثرات في الأدب، ويتضمن هذا القسم الحديث عن: معنى الجاهلية، وبلاد العرب الجاهليين، والعرب القدامى، وأنسابهم، ومنازلهم، وحياتهم ومعيشتهم، وحالتهم السياسية، والاجتماعية، والدينية، واتصالاتهم، ومعارفهم؛ وأما القسم الثاني ففيه فصول ستة، وهي: حقائق عامة عن الأدب الجاهلي، ولغته، وروايته، وتدوينه، ومصادره، وقضية الانتحال فيه. وفي القسم الأول لم أتحدث عن كل موضوع من موضوعاته إلا فيما يتصل اتصالًا وثيقًا بالأدب الجاهلي بخاصة، وقد يكون هناك ما يتصل بالأدب العربي بعامة لأن الأدب الجاهلي كان وما يزال أساس الأدب العربي في العصور التالية. وقد حاولت بقدر استطاعتي أن أجمع في هذا البحث ما أعتقد أنه سيكون كافيًا لدارس تاريخ الأدب الجاهلي بحيث يغنيه عن الرجوع إلى مصادر أخرى في هذا الموضوع، لاستكشاف مبهم، أو توضيح غامض.

وأما القسم الثالث فيشتمل على دراسة عامة للنثر والشعر وبيان خصائص كل منهما في العصر الجاهلي وأرجو أن أكون قد وفقت في الوصول إلى ما أردت، داعيا الله جل شأنه أن يعينني، ويوفقني في كل أعمالي وحياتي، إنه نعم المولى ونعم النصير.

علي الجندي

<<  <   >  >>