للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[بلاد العرب الجاهليين]

تقع بلاد العرب في أقصى الجنوب الغربي من قارة آسيا، وهي التي تعرف بشبه الجزيرة العربية، ويحدها من الشمال بلاد الشام، ومن الشرق الخليج العربي، ومن الجنوب المحيط الهندي، ومن الغرب البحر الأحمر.

وكانوا قديمًا يقسمون هذه البلاد أقسامًا بحسب الارتفاع والانخفاض، وأهم الظواهر الطبيعية البارزة في شبه الجزيرة العربية هي سلسلة جبال السراة، وهي أعظم جبال العرب وأشهرها، وتخترق شبه الجزيرة من الجنوب إلى الشمال، على محاذاة الساحل الغربي، فتمتد من أقصى اليمن حتى تبلغ أطراف بوادي الشام، وتقسم شبه الجزيرة العربية قسمين، قسمًا شرقيًّا وآخر غربيًّا، ونظرًا لقربها من الساحل الغربي فإن انحدارها إليه شديد وقليل، وانحدارها إلى الجهة الشرقية خفيف وتدريجي. فما انحدر منها إلى جهة الغرب إلي شاطئ البحر الأحمر كان يسمى "الغور" أو "تهامة"، وهذه هي المنطقة الساحلية الغربية، وتمتد من أقصى الجنوب إلى خليج العقبة، وتقال أحيانًا مضافة إلى القسم الذي تحاذيه، فيقال: تهامة اليمن، وتهامة عسير، وتهامة الحجاز. وتضيق هذه المنطقة في بعض الأماكن وتتسع في أماكن أخرى، وأقصى اتساعها أربعون ميلًا. وأكثر هذه المنطقة شديد الحرارة، قليل الإنبات، وجميع المدن الساحلية تقع في هذه المنطقة١.

وما ارتفع بعد هذه الجبال إلى جهة الشرق، يسمى نجدًا. ومن هنا كان قولهم: "أغار وأنجد" أي ذهب إلى الغور والنجد.

وسلاسل جبال السراة نفسها سميت: حجازًا لأنها حجزت بين تهامة ونجد٢ ويتخلل أرض الحجاز كثبان رميلة وآكام خصبة، وهي مساكن القبائل، وحولها قرى وضياع، وبمنحدراتها توجد عيون مياه تنبت حولها بعض الحبوب ومراعي الماشية.


١ قلب جزيرة العرب، ص٩.
٢ وقال الأصمعي: إنما سمي حجازًا لكثرة الحرار فيه، لأن أهل الحرة يحتجزون بها من الخيل "مفضليات أوروبا ٤١٥".

<<  <   >  >>