للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من أناس ليس من أخلاقهم ... عاجل الفحش، ولا سوء الجزع١١٥

عرف للحق، ما نعيا به ... عند مر الأمر، ما فينا خرع١١٦

وإذا هبت شمالًا أطعموا ... في قدور مشبعات لم تجع١١٧

وجفان كالجوابي ملئت ... من سمينات الذرا فيها ترع ١١٨

لا يخاف الغدر من جاورهم ... أبدا منهم ولا يخشى الطبع١١٩

ومساميح بها ضن به ... حاسروا الأنفس عن سوء الطمع١٢٠

حسنو الأوجه بيض سادة ... ومراجيح إذا جد الفزع١٢١

وزن الأحلام إن هم وازنوا ... صادقو البأس إذا البأس نصع١٢٢

وليوث تتقي عرتها ... ساكنو الريح إذا طار القزع١٢٣

فيهم ينكى عدو وبهم ... يرأب الشعب إذا الشعب انصدع١٢٤


١١٥ لا يقصد الشاعر أن يقول إنهم لا يعجلون بالفحش كما يعجل غيرهم، وإنما يقصد أنهم لا فحش عندهم البتة، ولا يجزعون للمصيبة.
١١٦ الخزع: اللين والضعف، أى لا يستثقلون الحق عند الشدائد؛ لأنهم شجعان، وليس فيهم ضعف ولا جبن.
١١٧ شمالا: أى ريح الشمال، يقصد أوقات القحط والمجاعة، مشبعات: مملوءات. لم تجع: لا تخلو من الطعام أبدًا.
١١٨ الجفان: جمع جفنة وهي إناء الطعام، الجوابي: جمع جابية، وهي الحياض الكبار التي يجمع فيها الماء. الذرا، جمع ذروة. والذروة من كل شيء أعلاه، ويريد بها أسنمة الإبل. ترع: امتلاء وشبع. يقصد تشبع الآكلين وترضيهن.
١١٩ الطبع: تلطخ العرض، ويقصد بها هنا كل عيب، أي أن جارهم آمن مطمئن، في حفظ ورعاية واحترام.
١٢٠ مساميح: أجواد، حاسروا الأنفس: كاشفوها، أي يبعدون أنفسهم عن الطمع، أي هم كرام أجواد، يعطون ولا يأخذون.
١٢١ حسنو الأوجه: أي كلهم طهارة وشرف، أو بشاشة وحسن لقاء. مراجيح: راجحو القلوب: أي ثابتون، لا يستخفهم الفزع، لأنهم ليسوا بجبناء.
١٢٢ الأحلام: العقول. أي هم ذوو رأي سديد، يقلبون الأمور على وجوهها، ثم يبدون آراءهم فتجيء محكمة سديدة لحسن عقولهم واتزان تفكيرهم. نصع: ظهر واتضح. أي هم الأقوياء أبطال صادقون في وقت الشدائد.
١٢٣ العرة: الأذى. ساكنو الريح: ثابتو الروع، رزينون. القزع: جمع قزعة، وهي القطع المتفرقة من السحاب، يشبه به خفاف القوم الذين ليست فيهم ركانة ولا رزانة.
١٢٤ نكيت العدو، ونكيت فيه: أي أصبت فيهم، فأكثرت الجراح والقتل ووهنوا لذلك. الشعب: الصدع والتفرق، وهو من الأضداد فيكون بمعنى الالتئام أيضا. يرأب: يصلح.

<<  <   >  >>