للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على الحرير، ثم علقوها على أركان الكعبة، وقيل بأستارها، يقول ابن عبد ربه٥: "لقد بلغ من كلف العرب بالشعر وتفضيلها له أن عمدت إلى سبع قصائد تخيرتها من الشعر القديم فكتبتها بماء الذهب في القباطي المدرجة، وعلقتها بين أستار الكعبة، فمنه يقال: مذهبة امرئ القيس، ومذهبة زهير، والمذهبات السبع، وقد يقال لها المعلقات".

ويقول ابن رشيق"٣٩٠-٤٦٣" في كتابه العمدة٦: "وكانت المعلقات تسمى المذهبات؛ وذلك لأنها اختيرت من سائر الشعر، فكتبت في القباطي بماء الذهب، وعلقت على الكعبة؛ فلذلك يقال: مذهبة فلان إذا كانت أجود شعره، ذكر ذلك غير واحد من العلماء".

وابن خلدون المتوفى سنة ٨٠٨ يقول في مقدمته٧: "حتى انتهوا إلى المناغاة في تعليق أشعارهم بأركان البيت الحرام موضع حجهم وبيت إبراهيم، كمل فعل امرؤ القيس بن حجر، والنابغة الذبياني، وزهير بن أبي سلمى، وعنترة بن شداد، وطرفة بن العبد، وعلقمة بن عبدة، والأعشى. من أصحاب المعلقات السبع وغيرهم، فإنه إنما كان يتوصل إلى تعليق الشعر بها من كان له قدرة على ذلك. بقومه. وعصبيته. ومكانه في مضر، على ما قيل في سبب تسميتها بالمعلقات".

وقال البغدادي٨ "١٠٣٩-١٠٩٣": "ومعنى المعلقة أن العرب كانت في الجاهلية يقول الرجل الشعر منهم في أقصى الأرض فلا يعبأ به ولا ينشده أحد، حتى يأتي مكة في موسم الحج، فيعرضه على أندية قريش، فإن استحسنوه روي، وكان فخرًا لقائله، وعلق على ركن من أركان الكعبة، حتى ينظر إليه، وإن لم يستحسنوه طرح ولم يعبأ به، وأول من علق شعره في الكعبة، امرؤ القيس، وبعده الشعراء". ثم قال: "وروي أن بعض أمراء بني أمية أمر من اختار له سبعة أشعار، فسماها المعلقات".

وظاهر من هذه الآراء أنهم يعللون سبب تسميتها بالمعلقات بأن ذلك من تعليقها بالكعبة، وهم يؤيدون تفسيرهم ذلك بأن تعليق الأشياء الهامة على الكعبة كان من دأب العرب،


٥ العقد الفريد جـ٥ ص٢٦٩ "وعاش ابن عبد ربه ٢٤٦-٣٢٨".
٦ جـ١ ص٩٦.
٧ ص٥٣٢.
٨ خزانة الأدب جـ١ ص٦١ طبعة بولاق.

<<  <   >  >>