للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على الكعبة، وإنما لأن العرب في الجاهلية كانت إذا كتبت شيئًا في الرقاع المستطيلة من الحرير أو الجلد أو نحوهما، فخافت عليه قرض فأرة أو تآكل عثة، طوته على عود أو خشبة، وعلقته في جدار البيت، أو الخيمة، بعيدًا عن الأرض، لحرصهم عليه.

فمن ينكر خبر تعليقها بالكعبة يرى أن سبب تسميتها بذلك يرجع إلى علوقها بالأذهان لأهميتها، أو لأمر الملك بتعليقها أي إثباتها في خزانته، أو إلى تعليقها على جدار المنزل، خوفًا عليها.

ومنهم من يرى أنها سميت بذلك لنفاستها، أخذا من العِلق، بمعنى النفيس الثمين من الأشياء والحلى والثياب١١.

وقد ورد التعلق بمعنى الكلف والعشق، كما في قول عنترة في معلقته:

عُلِّقْتُها عَرَضًا، وأَقتل قومَها ... زعمًا لعَمْرُ أبيك ليس بمَزعمِ١٢

فعلقتها هنا من العلق والعلاقة وهما العشق والهوى، يقال علق فلان بفلانة إذا كلف بها.

فلعل هذه القصائد سميت بالمعلقات لكلف الناس بها وحبهم لها فكأنهم عشقوها، وتعلقوا بها. وعلى كل، فهذا الخلاف ليس إلا في التسمية، والجميع يتفقون على أصالتها والثقة بها، وعلو درجتها الفنية، ولذلك كانت موضع اهتمام الأدباء في جميع العصور، فحظيت بالدرس والبحث والشرح، لا بين العرب وحدهم بل اهتم بها الأدباء غير العرب كذلك، وقد أورد بروكلمان في كتابه تاريخ الأدب العربي١٣ سجلًا لهذه الدراسات والشروح العربية والأجنبية، من بينها: شروح: أبي بكر محمد بن القاسم الأنباري، المتوفى سنة ٣٢٧/٩٣٩، وأحمد بن محمد النحاس المتوفى سنة ٣٣٨/٩٥٠ والحسين بن أحمد الزوزني المتوفى سنة ٤٨٦/١٠٩٣؛ ويحيى بن علي التبريزي المتوفى سنة ٥٠٢/١١٠٩، ودراسات ونشر كل من: أرنولد، ليبزج ١٨٥٠، وليدي بلنت، ومستر بلنت، ونولدكه، وجايجر.


١١ راجع رأي Lyall في تاريخ الأدب العربي لبلاشير ١٥٧.
١٢ ديوان عنترة ص١٦: بيروت ١٩٥٨.
١٣ جـ ص٦٨-٧٢.

<<  <   >  >>