للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قصائد، كلها حكم وأمثال كأرجوزة أبي العتاهية التي سماها "الأمثال"١.

وممن اشتهر بالحكمة من العرب: أكثم بن صيفي التميمي، وعامر بن الظرب العداوني، وهما من المعمرين، وكانت العرب تحتكم إليهما، ويقال إن عامر بن الظرب لما كبر واعتراه النسيان أمر ابنته أن تقرع بالعصا إذا جار عن القصد وكانت ابنته من حكيمات العرب مثل هند بنت الخس.

ومن أقوال أكثم٢: "ويل للشجي من الخلي، لم يذهب من مالك ما وعظك، رب عجلة تهب ريثًا، ادرعوا الليل فإنه أخفى للويل، إذا فزع الفؤاد ذهب الرقاد، ليس من العدل سرعة العذل، لا تطمع في كل ما تسمع، رب قول أنقذ من صول، حافظ على الصديق ولو في الحريق".

ومن أقوال عامر بن الظرب٣: "رب زارع لنفسه حاصد سواه، من طلب شيئًا وجده، وإن لم يجده أوشك أن يقع قريبا منه".

ولا بد للأمثال من أصل تكون قد جاءت بسببه، وقد يكون ذلك الأصل حقيقيًّا، وقد يكون فرضيًّا، وذلك إن قيل عن حيوان أو نبات أو جماد وتسمى أمثال النوع الأول حقيقة والأخرى فرضية.

ومن الأمثال الحقيقة: "تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها" يضرب في صيانة الشخص نفسه عن خسيس الكسب، وهو للحارث بن سليل الأسدي، "وسبق السيف العذل". ويضرب للفائت يستحيل تداركه، وقائله ضبة بن أد بن طابخة. وكتب الأمثال في العادة تذكر المثل وقائله وتشرح السبب الذي قيل من أجله.

ومن الأمثال الفرضية: "كيف أعاهدك وهذا أثر فأسك" يضرب لمن لا يجاب إلى عهد لظهور آثار غدره. ويأتي هذا في خرافة الحية والفأس التي تقول٤: "إن أخوين كانا فيما مضى في إبل لهما فأجدبت بلادهما، وكان قريبًا منها واد فيه حية، قد حمته من كل أحد، فقال أحدهما للآخر: يا فلان لو أني أتيت هذا الوادي المكلئ فرعيت فيه إبلي وأصلحتها.


١ الأغاني: جـ٣ ص١٤٣.
٢ المزهر للسيوطي جـ١ ص٥٠١.
٣ البيان والتبيين جـ١ ص١ ص٤٠١، ٢/١٩٩.
٤ أمثال العرب للمفضل الضبي. ص٨١.

<<  <   >  >>