للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قدما تنضو إلى الداعي إذا ... خلل الداعي بدعوى ثم عم١٤٦

بشباب وكهول نهد ... كليوث بين عريس الأجم١٤٧

نمسك الخيل على مكروهها ... حين لا يمسك إلا ذو كرم١٤٨

تذر الأبطال صرعى بينها ... تعكف العقبان فيها والرخم١٤٩

فطرفة هنا يفتخر بانتصار قومه في معركة يوم التحالق، وكان القتال فيها عنيفًا ثم يعدد أمجاد قومه: رئيسهم عظيم معطاء، حازم شجاع واسع العقل سيد الرؤساء، وهم خير القبائل العدنانية، وأكرم الناس وأكرمهم جودًا، وأعظمهم مجدًا، وأرفعهم منزلة، مشهورون بالبطولة والشهامة وكرم المحتد، عددهم خير الأسلحة وأمضاها، وخيلهم كريمة مدربة في الحروب قوية صلبة الأجسام، تحمل أبطالًا يحسنون قيادتها في وقت الشدة حين لا يستطيع ذلك إلا كل بطل كريم.

وقد سبق في معلقته فخر شخصي تباهى فيه بصفات الفتى القوي الشجاع والإنسان الكريم الطموح.

وكان الشاعر إذا تقدمت سنه وعلاه الشيب، تغنى بذكريات شبابه، وافتخر بما كان له


١٤٦ قدمًا: تتقدم الخيل. تنضو: تسرع وتتسلخ من الخيل. الداعي: المستصرخ المستغيث. خلل: خص بالدعوة. عم: جعل الدعوة عامة، للناس أجمعين. يقول: إن خيلنا إذا سمعت دعاء المستغيث أسرعت إليه على الفور، وتقدمت غيرها، سواء كانت دعوته للإغاثة خاصة أم عامة.
١٤٧ نهد جمع نهد، أو ناهد، وهو الذي ينهض لعدوه ويصمد له. الليوث: جمع ليث، وهو الأسد. والعريس والعريسة: موضع الأسد. والأجم: جمع أجمة. وهي الشجر الكثيف الملتف. شبههم بالليوث في جرأتهم، وخص ليوث الأجم. لأنها أشد إقدامًا وهجومًا لحمايتها. يقول: وخيلنا تسرع لنجدة المستغيث، وعليها شيب وشبان، كلهم أبطال شجعان، ذوو بأس وبطش.
١٤٨ على مكروهها: أي نمسك الخيل وتحس قيادتها على ما تكره من الطعن وقت القتال، أو نربطها ونحسن إليها على ما يكره من ارتباطها لشدة الزمان وصعوبته. ومعنى البيت: إننا نحسن العناية بالخيل، وقيادتها في وقت الشدة، حينما لا يستطيع ذلك إلا كل بطل كريم.
١٤٩ تذر: تترك. الأبطال: جمع بطل، وهو الشجاع، سمى بذلك لأن شجاعة غيره تبطل عنده. صرعى: جمع صريع، وهو القتيل. تعكف: تقيم. العقبان: جمع عقاب، وهو من سباع الطير. الرخم: جمع رخمة، وهي طائر معروف. يقول: إن فرساننا يقتلون الأبطال من الأعداء ولا يجرؤ على الاقتراب من الميدان لأخذ جثثهم ودفنها، بل تظل لحومهم هناك غذاء للوحوش.

<<  <   >  >>