والشعراء إن جروا في أحاديثهم وصورهم الشعرية على استعمالات تكاد تكون متحدة فيما بينهم، إلا أنهم كانوا يحاولون بقدر الإمكان أن يظهروا شخصياتهم الفنية في أشعارهم وصورهم الشعرية، فلئن كان الحديث في الموضوع مكررًا أو معادًا، فقد كان الشاعر يحاول جهده أن يبتكر، كأنما يريد أن يخلق جديدًا، فيحور في الصورة، أو يضيف ما لم يسبقه إليه غيره. فيبدو القديم الذي كاد أن يبلى في أيدي مستعمليه، كأنه جديد، يطلع على الوجود لأول مرة، بفضل قوة الشاعر الفنية. ودقة ملاحظته، وكثرة تجاربه، وخبراته في الحياة. فكل صورة شعرية استعملها عدد من الشعراء، تجيء على أشكال متعددة مما يجعل كلا منها يختلف عن غيره. وقد تحدثنا عن ذلك مع إيراد أمثلة كثيرة له في شعر الحرب تدل على القدرة الفائقة لدى الشاعر الجاهلي على الابتكار والتطوير والتنويع.