ووصفه بالأستاذ، وذكر أنّه حدثه إملاءً في مسجد عقيل (١) بعد صلاة العصرة؛ يوم الخميس في المحرم سنة إحدى عشرة وأربعمائة، وهو أول إملاء عقد له، وغيرهم، قال أبو بكر السمعاني: حَدَّث عنه المتقدمون من العلماء.
قال الحاكم في "تاريخه": الفقيه، الأصولي، المتكلم، المقدم في هذه العلوم، الزاهد، انصرف من العراق بعد المقام بها، وقد أقرَّ له أهل العلم بالعراق وخراسان بالتقدم والفضل، واجتاز الوطن إلى أنّ جُرَّ بعد الجهد إلى نيسابور، وبُني له المدرسة الّتي لم يُبْن بنيسابور قبلها مثلها، ودرس فيها وحدث. قال أبو إسحاق الشيرازي: كان فقيهًا متكلمًا أصوليًا وعليه درس شيخنا القاضي أبو الطيب أصول الفقه بإسفرايين، وعنه أخذ الكلام والأصول عامة شيوخ نيسابور. وقال أبو بكر المروزي: الأستاذ الإمام، الفقيه على مذهب الشّافعيّ، المتكلم على مذهب الأشعري، أقام بنيسابور مدَّة يدرس ويعلم، ثمّ رجع إلى إسفرايين. وقال عبد الغفار الفارسي: أحد من بلغ حد الاجتهاد، لتبحره في العلوم، واستجماعه شرائط الإمامة من العربيّة والفقه والكلام والأصول ومعرفة الكتاب والسُّنَّة، رحل إلى العراق في طلب العلم، وحصل ما لم يحصل غيره، وأخذ في التدريس والتصنيف والإفادة، وكان ذا فنون، بالغًا في كلّ فن درجة الإمامة، وكان طراز ناحية المشرق، فضلًا عن نيسابور وناحيته الّتي كان منها، ثمّ كان من المجتهدين في العبادة، المبالغين في الورع والتحرج، انتخب عليه أبو عبد الله الحاكم
(١) قال ابن الأثير في "كامله": مسجد عقيل كان مجمعًا لأهل العلم، وفيه خزائن الكتب الموقوفة، وكان أعظم منافع نَيْسابور.