للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

المبحث الثّالث: رحلاته

لقد كانت الرحلة في نفوس العلماء السابقين مقصدًا أساسيًا، للازدياد من العلم، وتفتيحه، وتلوينه، وتنويعه، وتعميمه، فلا يتخلف عنها إِلَّا من أقعده ضعف الجسم، أو كثرة العياد، أو فقد الدُّرَيهمات، أو رعاية حق الوالدة والوالد (١).

لأنّهم جعلوا الرحلة مناطة الثقة بالعالم، فقالوا كلمتهم المشهورة: "من لم يرحل فلا ثقة بعلمه"، وقديمًا قال ابن معين: أربعة لا تؤنس منهم رشدًا -أي لا تبصر منهم خيرًا ولا نفعًا-، وذكر منهم "ورجل يكتب في بلده ولا يرحل في طلب الحديث" (٢). وقال عبد الله بن أحمد سألت أبي عمن طلب العلم ترى له أنّ يلزم رجلًا عنده علم فيكتب عنه، أو ترى أنّ يرحل إلى المواضع الّتي فيها العلم فيسمع منهم؟

قال: يرحل يكتب عن الكوفيين، والبصريين، وأهل المدينة، ومكة، يُشام النَّاس يسمع منهم (٣).

ويقول ابن رشيد في مدح السَّفر والاغتراب لطلب العلم:


(١) "صفحات من صبر العلماء" ص (٤٧).
(٢) أخرجه الحاكم في "المعرفة" برقم (١٦)، ومن طريقه الخطيب في "الرحلة" برقم (١٤)، و"الجامع" (٢/ ٣٣٦/ ١٧٤٧).
(٣) أخرجه الخطيب في "الرحلة" برقم (١٢).

<<  <   >  >>