وموصولها من مرسلها، ثمّ انظر في كتب هؤلاء الأئمة الذين قاموا بعلم الشّريعة، وبنى كلّ واحد منهم مذهبه على مبلغ عليه من الكتاب والسُّنَّة، فأرى كلّ واحد منهم -رضي الله عنهم- جميعهم قَصَدَ قَصْدَ الحق فيما تكلف، واجتهد في أداء ما كُلِّف، وقد وعد رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - في حديث صحيح عنه: لمن اجتهد فأصاب أجرين، ولمن اجتهد فأخطأ أجرًا واحدًا، ولا يكون الأجر على الخطأ، وإنّما يكون على ما تكلَّف من الاجتهاد، ويرفع عنه إثم الخطأ بأنّه إنّما كلف بالاجتهاد في الحكم على الظّاهر دون الباطن، ولا يعلم الغيب إلى الله -عَزَّ وَجَلَّ-، وقد نظر في القياس فأدَّاه القياس إلى غير ما أدى إليه صاحبه، كما يؤدِّيه الاجتهاد في القبلة إلى غير ما يؤدِّي إليه صاحبه، فلا يكون المخطئ منهما عين المطلوب بالاجتهاد مأخوذًا -إن شاء الله- بالخطأ، ويكون ماجورًا -إن شاء الله- على ما تكلف من الاجتهاد.