وكنا نبيت على السطح، وكان ينزل في نصف اللّيل ويجدد الطّهارة، ويصعد بجهد، ويرجع إلى ورده، وما رأيته في السَّفر والحضر يبخل على أحد من المسلمين بما يجده، بل كان يبذل ما في يده ولا يبالي أنّ يلحقه ضيق بعده، كما يقول الفرزدق في آبائه الطاهرين:
لا يقبض العسر بسطًا من أكفهم ... سيان ذلك إنَّ أثروا وإن عدموا
وقال أبو الحسن عبد الغافر الفارسي: السَّيِّد أبو منصور الزكي المغازي، أخو السَّيِّد الإمام أبي محمَّد بن زبارة العابد الورع السخي ذو الخصال الحميدة، والخلال السنية، سمع من مشايخ نَيْسابور، وبخارى، وبغداد، والكوفة، خرج له الحاكم الفوائد، وسمع الخلق منه، وكانت أصوله وسماعاته صحيحه، ثمّ احترق قصره بما فيه من الكتب فضاعت أصوله، فبعد ذلك يقرأ عليه مسموعاته عن الفروع الّتي كتبت من أصوله، وعورضت بها إلى آخر عمره. وقال علي بن زيد البَيْهقي في "تاريخه": كان من كبار السادات، ذكرت شرف نسبه في كتاب "لباب الأنساب وألقاب الأعقاب"، وكان علويًا عالمًا، ومحدثًا غازيا، ذهب إلى الحجِّ، فسمع في الكوفة وبغداد أحاديث كثيرة. وقال الذهبي في "النُّبَلاء": السَّيِّد المسند الرئيس المجاهد.
توفي بقريته ودفن بها، سنة عشر وأربعمائة. وقال الذهبي: نيَّف على الثمانين فيما أُرِي، وانتقى عليه الحاكم.