وقال الأديب الباخَرْزي في "دمية القصر": ليس اليوم بخراسان أدب مسموع إِلَّا وهو منسوب إليه، مُتَّفق بالإجماع عليه، وكان أصم أصلخ، يضع الكتاب في حجره ويؤدِّيه بلفظه، فيُسْمِع ولا يَسْمَع كالمِسَنّ يشحذ ولا يقطع، وكان والدي من المختلفين إليه، والمغترفين ممّا لديه، والمخترفين لثمار أغصان بُنْان يديه، ورأيته أنا وقد طوى العمر ومراحله، وبلغ من الكبر ساحله، ولم أتزود منه إِلَّا الاكتحال بطلعته، وكأن فضة ناظري بعد منقوشة بصورته، فمما أنشدني له الأديب يعقوب بن أحمد أيده الله، وهو من أعيان تلامذته الرماة من جعبته، النحاة إلى كعبته قوله:
ولم أسمع في الكناية عن مقيل المتوفى بدهليز الآخرة، أصلح من
قوله في الأمير أحمد الميكالي، لما بني المشْهَد بباب مَعْمَر:
حَسِدُوه إذ لم يُذْكروا مسْعاته ... لمَّا ابنتنى دهليز باب الآخرة
وتيقنوا علمًا بأن وراءه ... من جنة الفردوس دارًا فاخرة
وقال عبد الغافر الفارسي في "السياق": الأديب الحنفي، الثقة الأمين، أحد أئمة العصر في الأدب ورواية كتبه، والمعتمد عليه المرجوع إليه فيه، قرأ على أبي بكر محمَّد بن العباس الطّبريّ وغيره، وسمع الدواوين وحصلها وأتقنها، وصنف الكتب وصحح الأصول، وكان كثير المشايخ، كثير الحديث، انتخب عليه أبو سعد الحافظ المحمداباذي. وقال الذهبي في "النُّبَلاء": العلّامة النحوي صاحب التصانيف الأدبية، وله ديوان شعر، وكان ذا زهدٍ وصلاح، وكان أصم لا يسمع شيئًا، أخذ اللغات عن أبي نصر