أبي سعيد البسطامي، سمع بأصبهان وبالعراق وبالبصرة وبالأهواز، وورد له العهد بقضاء نيسابور، وقرئ علينا العهد غداة الخميس ثلاث ذي القعدة، سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة، وأُجلس في مجلس القضاء، في مسجد رجا في تلك السّاعة، وأظهر أهل الحديث من الفرح والاستبشار، والنثار، ما يطول شرحه، وكتبنا بالدُّعاء والشكر إلى السلطان أيَّده الله، وإلى أولياءه، وكان نظير أبي الطيب سهل بن محمَّد الصُّعلوكي حشمة وجاهًا وعلمًا وعزةً، فصاهر أبو الطيب، وجاء من بينهما جماعة سادة فضلاء. وذكره أبو علي الحسن بن نصر بن كاكا المرندي، فقال: كان منفردًا بلطائف السيادة، معتمدًا لمواقف الوفادة، سفربين السلطان المعظم ومجلس الخلافة أيّام القادر بالله، فأفتن أهل بغداد بلسانه وإحسانه، وبزَّهم في إيراده وإصداره، بصحة إتقانه، ونكَّت في ذلك المشهد النبوي، والمحفل الإمامي أشياء أُعجب بها كُفاته، وسلَّم الفضل له فيها حماته، وقالوا: مثله فليكن نائبًا عن ذلك السلطان المؤيد بالتوفيق والنصرة، وافدًا على مثل هذه الحضرة، حتّى صدر وحقائبه مملوءة من أصناف الإكرام وسهامه فائزة بأقصى المرام، ثمّ كان شافعي العلم، شريحي الحكم، سحباني البيان، سحَّار اللسان. وقال الخطيب في "تاريخه": الواعظ الفقيه على مذهب الشّافعيّ، ولي قضاء نيسابور، وقدم بغداد، وحدث بها، حدثني عنه الحسن بن محمَّد الخلال، وذكر لي أنّه قدم بغداد في حياة أبي حامد الإسفراييني، قال: وكان إمامًا نظارًا، وكان أبو حامد يعظمه ويجلُّه. ونقل ابن الصلاح في "طبقاته" عن شيرويه أنّه قال: كان صدوقًا. وقال عبد الغافر في "السياق": القاضي الإمام البارع الواعظ، إمام أهل