للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما الشروط الفاسدة الأخرى فإنها لا تفسد المضاربة وإنما يفسد الشرط ويلغو دون العقد، وهو مذهب الحنفية والصحيح من مذهب الحنابلة (١)، وذكر القاضي وأبو الخطاب رواية أخرى: [أن شروط ما ينافي مقتضى العقد] تفسد العقد (٢)، واحتج القائلون بعدم الفساد بحديث عائشة قالت: جَاءَتْنِي بَرِيرَةُ فَقالَتْ: كَاتَبْتُ أهْلِي علَى تِسْعِ أوَاقٍ، في كُلِّ عَامٍ وقِيَّةٌ، فأعِينِينِي، فَقُلتُ: إنْ أحَبَّ أهْلُكِ أنْ أعُدَّهَا لهمْ، ويَكونَ ولَاؤُكِ لي فَعَلْتُ، فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إلى أهْلِهَا، فَقالَتْ لهمْ فأبَوْا ذلكَ عَلَيْهَا، فَجَاءَتْ مِنْ عِندِهِمْ ورَسولُ الله جَالِسٌ، فَقالَتْ: إنِّي قدْ عَرَضْتُ ذلكَ عليهم فأبَوْا إلَّا أنْ يَكونَ الوَلَاءُ لهمْ، فَسَمِعَ النبيُّ ، فأخْبَرَتْ عَائِشَةُ النبيَّ ، فَقالَ: خُذِيهَا واشْتَرِطِي لهمُ الوَلَاءَ، فإنَّما الوَلَاءُ لِمَنْ أعْتَقَ، فَفَعَلَتْ عَائِشَةُ، ثُمَّ قَامَ رَسولُ الله في النَّاسِ، فَحَمِدَ الله وأَثْنَى عليه، ثُمَّ قالَ: أمَّا بَعْدُ، ما بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا ليسَتْ في كِتَابِ الله، ما كانَ مِنْ شَرْطٍ ليسَ في كِتَابِ الله فَهو بَاطِلٌ، وإنْ كانَ مِئَةَ شَرْطٍ، قَضَاءُ الله أحَقُّ، وشَرْطُ الله أوْثَقُ، وإنَّما الوَلَاءُ لِمَنْ أعْتَقَ. متفق عليه (٣).

فدل الحديث الشريف على أن الشروط التي تخالف مقتضى العقد، فاسدة بنفسها، غير مفسدة للعقد، ولأنه شرط لا يلائم المضاربة، وهو شرط بلا مقابل، ولا مصلحة فيه، وهو المنصوص عن الإمام أحمد في أظهر الروايتين عنه (٤)، إلاّ أن الشافعية والمالكية قد زادوا في الشروط الفاسدة التي يفسد بها العقد ما إذا كانت هذه الشروط تنافي مقتضى العقد، أو تخل بمقصود الشركة كما يلي:


(١) المغني ٥/ ٥٩، كشاف القناع ٣/ ١٩٣، الإنصاف ٥/ ٤٢٤، بدائع الصنائع ٨/ ٣٦٠٢ م الإمام.
(٢) المغني ٥/ ص ٦٠.
(٣) صحيح البخاري بشرحه فتح الباري ٥/ ١٢١، تيسير العلام ٢/ ٥٣.
(٤) المغني ٥/ ٥٩.

<<  <   >  >>