للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأدلة من السنة:

تواترت السنة الشريفة قولاً، وتقريراً من الرسول بما يفيد جواز هذا النوع من المعاملات المالية، وفيما يلي بعض الأحاديث الدالة على ذلك:

(١) ما رواه أبو داود من حديث أبي هريرة قال قال: إن الله تعالى يقول: «أنا ثَالِثُ الشَرِيَكيْنِ ما لَمْ يَخُنْ أحدُهُما صاحِبَهُ؛ فإذا خانَ خَرَجْتُ من بَينِهِما» (١)، وفي بعض النسخ من بينهم.

(٢) ما رواه أبو داود، وابن ماجة، والإمام أحمد والحاكم «من حديث السائب ابن أبي السائب قال للنبي : كنتَ شَرِيكِي في الجاهلِيَّةِ، فكنتَ خيرَ شريكٍ؛ لا تُدَارِيِني وَلَا تُمَارِيِنِي» (٢).

وعند أبي داود «لا تداري، ولا تماري» قال الحاكم هذا صحيح الإسناد ولم يخرجاه.


(١) سنن أبي داود ٣/ ٣٤٨، سبل السلام ٣/ ٨٦ م المنيرية.، نيل الأوطار ٥/ ٢٦٤، المستدرك ٢/ ٦٠. قال الحاكم صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي دار الكتب العلمية، بيروت.، وانظر السنن الكبرى للبيهقي، تحقيق الدكتور عبدالله بن عبد المحسن التركي ١١/ ٥٧١، وكذلك إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل ٥/ ٢٨٨، ميزان الاعتدال ٢/ ١٣٢ للذهبي، وشركة الله إياهما هذه من المعية الخاصة؛ وهي بالبركة، والفضل، والربح، ومثله قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) النحل: ١٢٨، وقوله تعالى: (قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى) طه: ٤٦، وقوله تعالى: (إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ) الأنفال: ١٢، وقوله تعالى: (لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) التوبة: ٤٠، وقوله تعالى: (قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) الشعراء: ٦٢، أما المعية العامة لجميع الخلق، فهي بالإحاطة التامة، وعلمه، ونفوذ قدرته. انظر تفسير القرآن العظيم ٢/ ٥٩٣، لابن كثير، الناشر المكتبة التجارية الكبرى، مصر، أضواء البيان للشنقيطي ٣/ ٤٦٣، دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع، وخروجه من بينهما أي زوال البركة بإخراج الحفظ عنهما.
وحديث أبي هريرة هذا أعله ابن القطان بالجهل بحال سعيد بن حيان وبالإرسال؛ فلم يذكر فيه أبا هريرة، ولم يسنده غير أبي همام محمد بن الزبرقان، وسكت أبو داود والمنذري عن هذا لحديث. فإعلال الحديث في أمرين:
الأول: الجهل بحال سعيد بن حيان، ومجهول الحال هو الذي لم يوثق، كما في تقريب التهذيب ١/ ٥ فإذا وثق ارتفعت جهالته، وفي تهذيب التهذيب ٤/ ١٩، سعيد بن حيان التيمي قال العجلي: كوفي ثقة، ولم يقف ابن القطان على توثيق العجلي فزعم أنه مجهول، أهـ. وبهذا التوثيق من العجلي يحكم بعدم جهالة حاله؛ فيرتفع القدح عنه، بل إنه ثقة.
الثاني: الإرسال فيقال فيه: إنه قد روي من وجه آخر موصولاً، والوصل زيادة، وزيادة العدول مقبولة، كما تقرر ذلك في الأصول، وعلوم الحديث اهـ. على أن مرسل الثقة حجة عند الأئمة الثلاثة أبي حنيفة، ومالك، وأحمد. قال محمد أمين الشنقيطي في كتابه أضواء البيان ٤/ ٥٢: ومن المعروف عن أبي داود أنه لا يسكت عن الكلام في حديث، إلاّ وهو يعتقد صلاحيته للاحتجاج.
(٢) سنن ابن ماجة ٢/ ٧٦٨، المستدرك ٢/ ٦١، مسند الإمام أحمد ٣/ ٤٢٥، لا تداري: لا تخالف، ولا تمانع، ولا تماري: يريد المراء والخصومة.

<<  <   >  >>