للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإذا تلف مال المضاربة بعد الشراء وقبل نقد ثمن السلعة فالمضاربة باقية بحالها، لأن الموجب لفسخها هو التلف، ولم يوجد حين الشراء ولا قبله، والثمن على رب المال، لأن حقوق العقد متعلقة به، وإذا غرمه العامل فله الرجوع به على رب المال (١).

وقال الإمام مالك: «يقال لرب المال إن أحببت فادفع الثمن وتكون السلعة قراضاً على حالها، وإن أبى (انفسخت و) لزم المقارض إذاً ثمنها، وكانت له» (٢)، وقال الشافعية: إن هلك كله بطلت، وإن هلك بعضه بقيت وجبر التالف بالربح (٣).

والذي يظهر عندي أن رأي الإمام مالك هو أعدل الآراء، فالمضاربة إذا تلف جميع رأس مالها تنفسخ كالشركة، سواء اشترى المضارب سلعة لم ينقد ثمنها أم لا، لأنه ليس من العدالة إلزام رب المال بشيء لم يلتزمه، فلا يكلف دفع قيمة السلعة، والاستمرار في مضاربة جديد ما دام أن رأس المال قد تلف، إلاّ إذا رضي رب المال أن يدفع ثمن السلعة، ويكون عمله هذا قبولاً لاستمرار المضاربة.

وإذا دفع رب المال ثمن السلعة فهل يكون رأس مال المضاربة هو ثمن السلعة فقط أم هو ثمنها مع رأس المال التالف؟

قال الحنابلة والمالكية: رأس المال هو ثمن السلعة دون التالف، لأن الأول تلف قبل التصرف فيه، فلم يكن من رأس المال، كما لو تلف قبل الشراء (٤).


(١) المصدر السابق.
(٢) المدونة ٥/ ١٢/ ١٠٢.
(٣) مغني المحتاج ٢/ ٣١٨.
(٤) المغني ٥/ ٥٦، المدونة ٥/ ١٢/ ١٠٢.

<<  <   >  >>