للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثالثاً: الرشد:

البلوغ وحده لا يكفي لمباشرة البالغ عقد الشركة بنفسه؛ فيجب أن يضاف إلى ذلك شرط آخر هو كون العاقد رشيداً، قال تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ النساء: ٦.

والرشد: ضد السفه، «وهو الصلاح في المال لا غير» (١)، وهو قول جمهور العلماء، وقال بعض الشافعية: «هو الصلاح في المال والدين» (٢)، والمختار هو رأي جمهور العلماء، لقوله تعالى: ﴿فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ النساء: ٦، قال ابن عباس : «يعني صلاحاً في أموالهم» (٣).

والرشيد: هو من يتصرف تصرفاً لا يغبن فيه غالباً، مع تدبير ماله بحكمة وسداد، ووضع الأمور في مواضعها.

ويمكن معرفة الرشد بالتمرين على البيع والشراء؛ فإذا عرفت مهارته؛ فهو رشيد، وهذا هو الاختبار المذكور في الآية الكريمة بالابتلاء ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى﴾.

والرشد ليست له سن معينة، ولكن لا يكون إلاّ بعد البلوغ؛ حيث إن المعاملات المالية المعاصرة، لا سيما الشركات أصبحت من الضخامة في رؤوس الأموال، وفي عدد الشركاء مع تعذر معرفة ما إذا كان الشريك رشيداً أم غير رشيد، مما يستدعى الاحتياط في معرفة رشد الشريك، ولا يتسنى ذلك إلا بوجود سن معينة يستأنس بها، لمعرفة الرشد إذا لم يتبين خلافه، وهذه السن يعتبر صاحبها رشيداً غالباً، ونرجح أن تكون الثامنة عشرة للذكر والأنثى، لما رأينا


(١) كشاف القناع ٣/ ٤٤٤، ورد المحتار على الدر المختار ٥/ ٩٥ مصور دار التراث.
(٢) المجموع ١٣/ ٣٦٨.
(٣) كشاف القناع ٣/ ٤٤٤.

<<  <   >  >>