للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستدل أبوحنفية بقوله تعالى: ﴿فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ النساء: ٦، حيث نصت الآية على دفع أموالهم إليهم عند إناس الرشد، وسكتت عن جميع الحالات، والأصل الدفع، فيعمل بالأصل، لأن أبا حنيفة لا يعمل بمفهوم المخالفة، وقد علّل بأنه لا يحجر على المدين، لأن في الحجر عليه إهدار أهليته، فلا يجوز لدفع ضرر خاص (١)، ومرده أن إهدار الأهلية يتعلق بحفظ النفس، وحق الدائن يتعلق بحفظ المال، وحفظ النفس مقدم على حفظ المال.

ومن قالوا بالحجر على المفلس اختلفوا في مسألتين:

الأولى: قال الجمهور: يحجر على المفلس في جميع أمواله، حتى ما يستجد بعد إعلان الحجر، فلا تنفذ عقوده، بل هي موقوفة حتى يرفع عنه الحجر (٢).

وقال الشافعية في أظهر القولين تبطل تصرفاته (٣).

وقال الصاحبان والمالكية، ووجه عند الشافعية، بل يحجر عليه في أمواله الموجودة وقت الحجر، وعقوده فيما يستجد له من أموال نافذة (٤).

الثانية: قال الجمهور إذا حجر على المفلس منع من التصرف، فلا يعقد العقود، ومنها عقد الشركة، إلاّ في الشيء التافه.

وقال الصاحبان: يمنع من التصرف فيما فيه ضرر بالغرماء، أما ما ليس فيه ضرر بالغرماء فإن عقوده فيه صحيحة نافذة (٥).


(١) شرح العناية على الهداية ٧/ ٣٢٤، المبسوط ٢٤/ ١٦٣.
(٢) كشاف القناع ٣/ ٤٢٣، تحفة المحتاج ٥/ ٤١٥.
(٣) تحفة المحتاج ٥/ ١٢٣ تصوير دار صادر.
(٤) شرح المجلة العدلية لسليم رستم باز م (١٠٠١) ١/ ٥١٤، تكملة فتح القدير ٧/ ٣٢٧، الدر المنتقى ص ٣٤٥، حاشية الدسوقي ٣/ ٢٤١ - ١٤٢، ورضة الطالبين ٤/ ١٣٣.
(٥) شرح المجلة لسليم رستم ١/ ٥١٤.

<<  <   >  >>