للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

آراء الفقهاء في الحجر على المفلس:

قال جمهور الفقهاء الحنابلة، والمالكية، والشافعية، والصاحبان من الحنفية، وعامة أهل العلم: بعد طلب الغرماء الحجر على المفلس، وثبوت الفلس عليه، يحكم بالحجر عليه، ويعلن إفلاسه؛ فيمنع من التصرفات (١).

إلاّ أن محمداً يقول بالحجر عليه بدون حكم الحاكم؛ إذ قال: (فساده في ماله يحجره وإصلاحه فيه يطلقه) (٢).

وقال الإمام أبو حنيفة لا يحجر على المدين مفلساً كان أم غير مفلس (٣).

أدلة الفريقين:

استدل أهل العلم على جواز الحجر على المفلس، ومنعه من التصرف بأدلة منها: ما روى كعب بن مالك، «أن رسول الله حجر على معاذ بن جبل، وباع ماله».

وعن عبد الرحمن بن كعب قال: «كان معاذ بن جبل من أفضل شباب قومه ولم يكن يمسك شيئاً؛ فلم يزل يدان حتى أغرق ماله في الدين، فكلم النبي ، فباع لهم رسول الله ماله حتى قام معاذ بغير شيء» (٤).


(١) المغني ٤/ ٣٦٥، مواهب الجليل ٥/ ٣٤، ٣٩، المجموع ١٣/ ٢٧٧، مغني المحتاج ٢/ ١٤٦، المبسوط ٢٤/ ١٦٣، الدر المنتقى، ص ٣٤٥، شرح المجلة العدلية، لسليم رستم باز ٥١٣، ١٩٩٩ م، قال علي حسب الله في كتابه الولاية على المال: إن الإمام الشافعي، والصاحبين من الحنفية يقولون بالحجر على المدين مفلساً كان، أو غير مفلس، ولكن هذا القول غير دقيق، والمزيد من التأكيد يرجع إلى المراجع المذكورة بالصفحة السابقة. كما أن قاضي زاده في كتابه كشف الرموز والأسرار (تكملة فتح القدير) ٧/ ٣٢٧ استنتج أن الصاحبين يقولان بالحجر على المدين مفلساً، أو غنياً، وهذا الاستنتاج يخالف الحقيقة، وعساه ناتجاً من الاشتباه عندهم بين الحجر على المدين المفلس، ولمدين المماطل، ولكن هذه مسألة، وتلك أخرى. أما الشافعية فالمذهب ما قدمناه، وعندهم وجه حكاه في المهذب، أنه إذا كان ماله يفي بدينه ولكن خرجه أكثر من دخله يحجر عليه، لأن هذا أمارة الإفلاس، وهذا أحد الوجهين في المسألة. المهذب مع المجموع ١٣/ ٢٧٧.
(٢) رد المحتار على الدر المختار ٥/ ٩٣.
(٣) المبسوط ٢٤/ ١١٣، بدائع الصنائع ٧/ ١٦٩، تبيين الحقائق ٥/ ١٩٩.
(٤) نيل الأوطار ٥/ ١١٤، حديث كعب أخرجه أيضاً البيهقي، والحاكم وصححه، ومرسل عبد الرحمن بن كعب أخرجه أيضاً أبو داود وعبد الرازق، وقال ابن الطلاع في الأحكام هو حديث ثابت، وقد أخرجه الطبراني.

<<  <   >  >>