للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه - صلى الله عليه وسلم -. كما أن في القرآن الكريم توجيهًا عامًا إلى بعض قواعد هذا الفن وهو التثبت من صدق الراوي والتروي في تصديق خبره، وذلك من قوله سبحانه وتعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} (١).

إلا أن الصحابة الكرام كانوا في زمنه - صلى الله عليه وسلم -، أمناء ضابطين، وما صدر عن بعضهم هو نوع من السهو والخطأ وهو نزر يسير، لا تنبني عليه قواعد.

وقد تلقوا أقوال النبي - صلى الله عليه وسلم - منه مباشرة وشهدوا أفعاله وأحواله فإذا أشكل عليهم شيء، كان يمكنهم الرجوع إليه - صلى الله عليه وسلم - لرفع هذا الإِشكال (٢). فلم يكن لتشعب هذا العلم من حاجة في حياته - صلى الله عليه وسلم - لأن العصر هو عصر وحي وتشريع، فلم يكن يحتاج لأكثر من التحرز عن الوهم.

ولما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجاء عصر الخلفاء الراشدين، تشدد (٣)


(١) سورة الحجرات: الآية ٦.
(٢) انظر: مقدمة الشيخ محمد محيي الدين على توضيح الأفكار، ص ١٢ لبيان طرق معرفة الصحابة، رضي الله عنهم، للشرع من الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
(٣) قال الحافظ الذهبي رحمه الله في تذكرة الحفاظ ١/ ٢، في ترجمة أبي بكر الصديق، رضي الله عنه: كان أول من احتاط في قبول الأخبار. فروى الزهري عن قبيصة بن ذؤيب أن الجدة جاءت إلى أبي بكر تلتمس أن تورث، فقال: ما أجد لك في كتاب الله شيئًا، وما علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر لك شيئًا، ثم سأل الناس، فقام المغيرة بن شعبة، فقال: حضرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعطيها السدس. فقاله له: هل معك أحد، فشهد محمد بن مسلمة بمثل ذلك، فأنفذه لها أبو بكر رضي الله عنه. وقال في التذكرة ١/ ٦ في ترجمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه: وهو الذي سن للمحدثين التثبت في النقل، وربما كان يتوقف في خبر الواحد، إذا ارتاب. طلب من أبي موسى الأشعري البيّنة على حديث الاستئذان، وهدده إن لم يأته بها، فجاء بأبي سعيد الخدري فشهد معه رضي الله عنهما. وقال في التذكرة ١/ ١٠ في ترجمة علي بن أبي طالب رضي الله عنه: كان إمامًا متحريًا في الأخذ بحيث أنه كان يستحلف من يحدثه بالحديث، قال =

<<  <  ج: ص:  >  >>