للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هؤلاء الخلفاء في قبول الرواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعملوا على التقليل منها، خشية انصراف الناس عن القرآن الكريم واشتغالهم بها وخوفًا من أن يتخذها المنافقون ذريعة للتزيد فيها وسلمًا لتزييف الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولئلا تزل أقدام المكثرين، فيسقطوا في هوة الخطأ والنسيان فيكذبوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حيث لا يشعرون (١).

وأما عملهم على التقليل من الرواية، فقد روى عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قيل له: أكنت تحدث في زمن عمر هكذا؟ فقال: لو كنت أحدث في زمان عمر مثل ما أحدثكم لضربني بمخفقته (٢).


= عثمان بن المغيرة الثقفي عن علي بن ربيعة عن أسماء بن الحكم الفزاري، أنه سمع عليًا يقول: كنت إذا سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثًا نفعني الله بما شاء أن ينفعني منه، وكان إذا حدثني عنه غيره استحلفته، فإذا حلف صدقته، وحدثني أبو بكر وصدق أبو بكر ... الخ.
قلت: قد تتابع كتّاب هذا العصر على نقل هذه الرواية عن علي رضي الله عنه مصدقين لها محتجين بها، لكن رد العلامة المعلمي على هذه الرواية بقوله: أقول هذا شيء تفرد به أسماء بن الحكم الفزاري، وهو رجل مجهول، وقد رده البخاري وغيره، كما في ترجمة أسماء من تهذيب التهذيب، وتوثيق العجلي وجدته بالاستقراء كتوثيق ابن حبان، أو أوسع، فلا يقاوم إنكار البخاري وغيره على أسماء، على أنه لو فرض ثبوته، فإنما هو مزيد احتياط، لا دليل على اشتراطه، هذا ومن المتواتر عن الخلفاء الأربعة، أن كلًا منهم كان يقضي ويفتي بما عنده من السنة بدون حاجة إلى أن تكون عند غيره، وأنهم كانوا ينصبون العمال من الصحابة وغيرهم، ويأمرونهم أن يقضي ويفتي، كل منهم بما عنده من السنة، بدون حاجة إلى وجودها عند غيره ... الخ ما أطال.
انظر: الأنوار الكاشفة، ص ٦٨؛ والتاريخ الكبير للبخاري ٢/ ٥٤؛ وتاريخ الثقات للعجلي، ص ٦٣؛ وتهذيب التهذيب ١/ ٢٦٧.
(١) انظر: الحديث والمحدثون، ص ٦٦.
(٢) انظر: تذكرة الحفاظ ١/ ٧؛ ونحوه في البداية والنهاية ٨/ ١٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>