للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل (١): يكره أن يحدث ببلد فيه من هو أولى منه لسنه أو غير ذلك (١). وينبغي له إذا التمس منه ما يعلمه عند غيره في بلده أو غيره بإسناد أعلى (ب) من إسناده، أو أرجح من وجه أن يعلم الطالب به ويرشد إليه، فإن الدين (٢) النصيحة. ولا يمتنع من تحدث أحد لكونه غير صحيح النية، فإنه يرجى له حصول النية بعد (٣). قال معمر: كان يقال


(أ) على هامش (ت): كره الوعظ في بلد وفيه أولى منه في علمه.
(ب) في (هـ): أولى. بدل: أعلى.
(١) حكى الخطيب مسندًا عن ابن معين، يقول: إن الذي يحدث بالبلدة وبها من هو أولى بالتحديث منه أحمق انتهى. وقال ابن دقيق العيد: ينبغي أن يكون هذا عند الاستواء فيما عدا الصفة المرجحة، أما مع التفاوت، بأن يكون الأعلى إسنادًا عاميًا لا معرفة له بالصنعة، وإلا نزل إسنادًا عارفًا ضابطًا، فهذا يتوقف فيه بالنسبة إلى الإِرشاد المذكور لأنه قد يكون في الرواية عن هذا الشخص العامي، ما يوجب خللًا انتهى.
انظر: الجامع ١/ ٣١٩؛ واقتراح، ص ٢٧١؛ فتح المغيث ٢/ ٢٨٨.
(٢) مقدمة ابن الصلاح، ص ٢١٦؛ الجامع ٢/ ٣٣٩؛ التقريب ١/ ٢٨١؛ فتح المغيث ٢/ ٢٧٨؛ ولحديث: الدين النصيحة صحيح مسلم مع النووي ٢/ ٢٦؛ عن تميم الداري رضي الله عنه.
(٣) فصل الماوردي هذه القضية فقال: إن كان داعي طلب العلم دينيًا وجب على العالم أن يكون على الطالب مقبلًا وعلى تعليمه متوفرًا. فإن لم يكن دينيًا، فإن كان مباحًا، كرجل دعاه إلى طلب العلم حب النباهة وطلب الرياسة، فالقول فيه قريب مما قبله، لأن العلم يعطفه إلي الدين في ثاني الحال، وإن كان الداعي محظورًا، كرجل دعاه إلى طلب العلم شرٌّ كامن ومكر باطن يريد أن يستعمله في شُبه دينية وحيل فقهيه لا يجد أهل السلامة منهما مخلصًا ولا عنهما مدفعًا، فينبغي للعالم أن يمنعه من طلبته. ويصرفه عن بغيته، ولا يعينه على إمضاء مكره وإكمال شره انتهى.
انظر: أدب الدنيا والدين، ص ٦٤؛ وفتح المغيث ٢/ ٢٨٠؛ والجامع ٢/ ٢٦٧؛ عن حبيب بن أبي ثابت.

<<  <  ج: ص:  >  >>